د. معراج أحمد معراج الندوي
لقد عرف الإنسان الحب والرحمة والسلام وإرادة الحياة والصبر على المرض والعذاب والقهر، الإنسان الذي لا يعرف الولاء والإخلاص والوفاء.. فهو يخون في الحب، الذي يحب لا يخون، القلب لا يخون، هناك إنسان تستهويه الخواص الجسدية، وهناك إنسان آخر تستهويه المشاعر والفكر والشخصية، يستهويه الإنسان ككيان متكامل، تستهويه الظاهرة الإنسانية بشمولها، والظاهرة الإنسانية هي روح ونفس وجسد..
الحب.. لا يستطيع أحد أن يفسره ما لم يكن قد عاش فيه جسدا وروحا.. الحب هو مشاعر جميلة وأحاسيس راقية، الحب هو حياة القلوب الميتة. الحب الحقيقي لا ينتهي إلا بموت صاحبه، والحب الكاذب يموت في صاحبه. الحب الجميل الصادق تبقى ذكراه إلى الأبد، والحب الكاذب ينتهي إلى آخر نقطة في قاع الجرح. الحب الصادق يتحمل الموت والبعد ولكن لا يتحمل الشك والخيانة.
الحب كالزهرة الجميلة والوفاء هو قطرات الندى عليها، والخيانة هي الحذاء البغيض الذي يدوس على الزهرة فيسحقها. الحب كالنور يملأ الوجود ويغير معنى الحياة ويشعر الإنسان به وكأنه ينتقل إلى عالم آخر، يمحو من خلاله كل الأحزان وينمي كل الأفراح وينشر السعادة في حياة الجميع. الحب أعلى لذة معنوية.. أسمى شعور إنساني.. أبهى صورة جمالية للإنسان.. والحب هو الفيض الإلهي.. الحب هو المنحة الربانية.. الحب هو النعمة الكبرى، الحب هو النور السماوي.. هو التفضيل الحقيقي للبشر عن سائر المخلوقات..
الخيانة من أبشع الجرائم العاطفية التي تدمر القلوب وتترك آثارا لا تمحى ولا تنسى، والخيانة من أصعب المشاعر التي يشعر بها الإنسان في حياته، ليست من الأمور السهلة في أن تبحث عن الحب الصادق في عصر الخيانة، ولن تجد عن الحب في قلوب جبانة. الحب الحقيقي لا يقدر عليه إلا الإنسان الناضج، لأن الحب ذاته يتيح رؤية أشمل وفهما أعمق وشعورا متكاملا، بذلك يتحقق التواصل الأبدي، أي يكون هناك ثبات واستقرار واستمرارية.
إن من يحب أن يكون في أقرب صورة للإنسان الذي كرمه الله بالفعل والقلب بالفكر والعاطفة.. الإنسان حين يحب يكون في صورته الصحيحة وحالته السوية وكينونته الجميلة البديعة الرائعة.. الإنسان يكون إنسانا وهو يحب.. أليس الحب هو الخير والجمال؟ أليس الحب قادرا على أن يطهر نفس الإنسان ويهذب سلوكه ويزرع داخله قيم الأمانة والوفاء؟. فمن يخون لا يحب.. ومن يحب فهو لا يخون أبدا..