د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
احتلت السعودية المرتبة الأولى عالميا في مؤشري نمو التوظيف وسوق العمل من بين 67 دولة مشاركة في الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2024، وجاءت ثالثة ضمن مؤشر تشريعات فعالية سوق العمل، ورابعة في مؤشر العمالة الماهرة، والخامسة في مجال سوق العمل، والسادسة في مؤشر ساعات العمل، والعاشرة في تدريب الموظفين.
شهدت السعودية مراحل صعود متتالية في مؤشرات سوق العمل بعد أن كانت في المرتبة ال24 عام 2022، وستواصل السعودية الصعود خصوصا وأنها تقود رؤية ليست فقط وطنية بل هي رؤية إقليمية دولية، تود أن تتحول إلى قطب اقتصادي عالمي تستثمر مقوماتها ليس فقط في استثمار موقعها اللوجستي وتكتفي بإعادة الصادرات، بل تود السعودية أن تصبح مركز صناعي تزود الطريقين اللذين يمران عبرها، هما الحزام والطريق والممر الهندي الأخضر إلى أوروبا، مما يتطلب أن يكون لديها سوق عمل بتشريعات دولية لتنشيط القطاعات الاقتصادية، لأن الرؤي بحاجة إلى عمالة ماهرة بخبرات دولية.
أقر مجلس الوزراء في جلسته في 7 أغسطس 2024 تعديل عدد من مواد نظام العمل، في خطوة تحسن السوق المحلية، وتعزز الاستقرار الوظيفي، وحفظ حقوق أطراف العلاقة التعاقدية، إضافة إلى تطوير الكوادر البشرية وتعزيز فرص تدريب العاملين، وزيادة فرص العمل للمواطنين، بعدما أطلعت على تقرير التنافسية في مؤشرات سوق العمل لتنتقل إلى مراكز أعلى تصدرا، بهدف رفع كفاءة وفاعلية السوق لمواكبة احتياجات وتطلعات الدولة وأصحاب العمل في القطاع الخاص في نفس الوقت من أجل تحقيق رؤية المملكة 2030 من تمكين الكوادر الوطنية بما يدعم تحقيق مستهدفات استراتيجية سوق العمل التي تتطلب أن تقود تلك الكوادر الوطنية التحول الاقتصادي في السعودية لتصبح قطبا اقتصاديا عالميا، حيث تضمنت التعديلات الجديدة 38 مادة، وحذف 7 مواد، وإضافة مادتين جديدتين إلى نظام العمل.
تحقق التعديلات توازنا بين تحقيق مستهدفات الرؤية ومطالب القطاع الخاص، ولأول مرة في مزاولة العمل لدى القطاع الخاص السعودي خلال يوليو 2024 شهد ارتفاعا في الوظيف ليتجاوز 34.6 ألف مواطن مقابل 16.5 ألف في يونيو السابق، أي أكثر من الضعف خلال شهر، بلغ إجمالي العاملين في القطاع الخاص 11.473 مليون خلال يوليو 2024 في حين تجاوز عدد المواطنين 2.342 مليون، مرتفعا من 1.7 مليون في 2015، أي ارتفعت نسبة العمالة الوطنية من 16 في المائة عام 2015 إلى 20.4 في المائة في 2024، فيما بلغ عدد المواطنات الإناث نحو 957.8 ألف مواطنة مرتفعا من 350 ألف عاملة في 2015 مقابل 50 ألف في 2011.
ولتدعيم قطاع الصناعة وافق مجلس الوزراء على تمديد مدة تحمل الدولة المقابل المالي المقرر على العمالة الوافدة عن المنشآت الصناعية إلى تاريخ 31/12/2025، وهي بذلك تهدف السعودية إلى دعم سوق العمل والقطاعات الإنتاجية والخدمية، ويهدف إلى خلق بيئة عمل أكثر جاذبية تساهم في تحقيق التنمية المستدامة وفق أهداف رؤية 2030.
حيث يعد استقرار سوق العمل وزيادة جاذبيته إحدى الركائز الهامة لتعزيز مكانة السعودية كقطب اقتصادي محوري يزود المحورين اللذين يغذيان أوروبا وأفريقيا وبقية أنحاء العالم، وتنظر إلى استدامة المواطنين في القطاع الخاص بجميع فئاتهم لمدة تزيد على عشرين عاما تماشيا مع ما يقدمه القطاع الخاص لهم من حوافز ومكافآت مادية، إضافة للتدريب والتطوير المستمرين، مدفوعا ببرامج الدعم والاستبقاء والتوطين الحكومية.
ما جعل السعودية تحقق المرتبة الأولى بين دول مجموعة العشرين في معدل نمو الإنتاجية العامل لعام 2022 بمعدل نمو 4.9 في المائة، وذلك بحسب منظمة العمل الدولية، ما مكن من انخفاض البطالة من 9.7 في المائة عام 2022 إلى 7.7 في المائة في 2024، ليس هذا فحسب بل حققت عددا من المنجزات في مجالات تمكين المرأة والتوطين والمهارات والتدريب والرقابة وتطوير بيئة العمل لرفع ترتيب السعودية في مؤشر المواهب العالمي من المرتبة ال30 إلى 20 في عام 2026، خصوصا وأن السعودية تعمل على تغطية 2000 مهارة وبناء وتطوير معايير 300 مهنة قطاعية ومسارات مهنية بحلول عام 2025، حيث أطلقت وزارة العمل مبادرتي مسرعة المهارات والتدريب المدفوعة للأفراد لتنمية المهارات عالية ومتوسطة ومنخفضة المستوى للكوادر الوطنية من أجل رفع الكفاءة الإنتاجية، حيث تستهدف تدريب أكثر من 322 ألف موظف في القطاع الخاص في 126 مهنة لتنمية المهارات.
** **
- أستاذ الجغرافيا الاقتصادية والسياسية سابقا في جامعة أم القرى