خالد بن حمد المالك
وصف العلاَّمة الشيخ حمد الجاسر الملك سلمان بأنه نصير الصحفيين، كما عرفه صحفيون أنه صديق الصحفيين، مع أنه - حفظه الله - يرى أنها صداقة صعبة ومكلفة، وهو صديقهم في الحق، مستلهماً مواقفه من تقديره لدورهم، وأنهم يعبرون عن هذه البلاد وعن عقيدتها وشعبها، والصحافة كما يراها خادم الحرمين الشريفين (دون تفريق بين الرسمي والأهلي) بأنها متحدثة باسم الوطن، وباسم هذه الدولة، وباسم هذا الشعب، وعليها أن تعبِّر بصدق عن مشكلات المواطنين عامة، والصحفيون جزء من هذا الشعب، فإذا عملت شيئاً لبعض الصحفيين أو بعض المؤسسات الصحفية فلأنني أمثِّل دولة صديقة لشعبها.
* *
ما أجمله من كلام قاله الملك عندما كان أميراً لمنطقة الرياض، ولا يزال هذا الحديث يحتفظ بقيمته وأهميته وعمقه ودلالاته رغم مضي 27 عاماً على هذا الكلام الجميل، وهكذا هو سلمان عمق في الطرح، وصراحة في القول، وملامسة لما يحبه مواطنوه، حيث ارتباطه بهم، وقربه منهم، يصغي لمطالبهم، ويتبنى حقوقهم، بكل تواضع وأريحية.
* *
اهتمام الملك سلمان بالإعلام مصدره ثقافته وقراءاته وعلاقاته بالإعلاميين في الداخل والخارج، يمضي ما توفر لديه من وقت في مكتبته الخاصة، ويقرأ بنهم الصحف والمجلات والكتب، وقراءاته متعمّقة، يهمش على ما يكون لديه من ملاحظات أو مجال بحث واستقصاء، اعتماداً على مخزونه الفكري والثقافي، واهتمامه بالتاريخ، فيصوِّب ويصحِّح، ويتواصل مع المؤلفين لإبداء رأيه.
* *
حياة الملك سلمان منظمة، ووقته فيه بركة، فهو أول من كان يدلف إلى مكتبه قبل موظفي الإمارة، وآخر من يغادرها بينهم، يستقبل المواطنين وغير المواطنين بالإمارة مرتين في اليوم لقضاء حوائج الناس، وفي قصره العامر مرة في الأسبوع، ويزور العلماء في الأعياد في منازلهم، ومن يكون مكلوماً بوفاة، وكذلك المرضى في المستشفيات، ويحضر المناسبات الخاصة والعامة، وهو أب ملتزم في إعطاء أسرته حقها من الوقت، وله أوقات للقاء الملوك ومن يكون ولياً للعهد.
* *
وعلاقاته بالصحافة والصحفيين لها ترتيب ووضع خاص لديه، يتفاهم معهم على ما يكون موضع اختلاف في وجهات النظر، دون إسقاط حقهم في التعبير وإيضاح آرائهم، ودائماً ما يطالب الصحفيين بأن تكون كتاباتهم مبنية على معلومات ومصادر حقيقية، حتى يكون لها مصداقية ومن ثم احترام وتقدير، ضمن احترامه لحرية الرأي المبنية على احترام الطرف الآخر، من خلال ما يقدمه من معلومات صحيحة، تعزِّز العلاقة معه وتقويها، وتضمن استمرارها.
* *
انشغل - حفظه الله - عندما بُويع ملكاً، عن عشقه في التواصل مع الصحفيين، فخسر هؤلاء التوجيه السديد، والملاحظات التي تصحح الاعوجاج، لكن ما تعلّموه منه قبل انشغاله سيظل مصدر إلهام لهم في السير على خطى ما كان يصلهم تباعاً من ملاحظات، يستحضرونها كلما كان لدى أي منهم مشروع لكلمة في هذا السياق.
* *
المملكة دولة صديقة لشعبها، نعم كما قال ذلك سلمان بن عبدالعزيز، وهذا أبلغ تعبير، وأصدق قول، ومن أعز مقام، ولا مزيد من قول عبّرت عنه أربع كلمات، ما لا يمكن أن تعبّر عنه بمثل ذلك عشرات الكلمات، إنها تختصر العلاقة بين القيادة والشعب، وتؤطرها في هذا المعنى الجميل، وكما قال سلمان: المملكة دولة صديقة لشعبها وأنا أمثِّلها.