أحمد المغلوث
كان وما زال للإلهام دور كبير ودافع للعطاء والفعل في مختلف مجالات الحياة، خاصة في مجال الفنون والآداب بل في مختلف جوانب الحياة وبالتالي كان يقف وراء هذا الإلهام ملهمات.
بعضهن خلدهن التاريخ وما زالت أسماؤهن تتردد في وسائل الإعلام حتى اليوم، بل صدرت عنهم كتب في مختلف اللغات العالمية؛ نظراً لارتباطهن بأدوار مهمة في التاريخ بمشاهير خلفاء وسلاطين وملوك وأمراء، ومنذ فجر التاريخ والبعض منا يذكر الملكة الجميلة نفرتيتي وكذلك كليوباترا ملهمة الأدباء والفنانين والمؤرخين.
بل قامت شركات الانتاج السينمائي العالمي بإنتاج أفلام شهيرة وتاريخية عنهن، والدارس للتاريخ الجاهلي يعرف أن المجتمع العربي في نهاية العصر الجاهلي كان في مرحلة تطور وتنامٍ كبير، ومع اشراقة الإسلام العظيمة أتاح تطوره وتناميه نوعاً من الحرية والانفتاح، فبعدما انهارت الوثنية وبات الناس يعبدون الله، وصار للمرأة مقام رفيع وتقدير كبير، بل راح كثيرون من الخلفاء يهتمون بالمرأة الموهوبة التي تجيد الغناء، وهكذا حظيت المغنيات بالتقدير خاصة الموهوبات، ونالوا إعجاب الشعراء في العصر العباسي والأموي وحكم المماليك.
وكما كان للمرأة بصورة عامة تأثير كبير في شعر العذريين الذين تواصل ابداعهم الشعري وكل عاشق للأدب والثقافة نتيجة طبيعية لتأثر كل منهم بمحبوبته كما فعل جميل بن عبدالله بن محمد العذري في بثينة: وددت أنها نصيبي من الدنيا وأنا نصيبها. ومئات الآلاف من الشعراء في العالم كانت المرأة ملهمة دائمة لهم.
وخلال دراستنا وبعد دراستنا قرأنا الكثير من شعر جميل في بثينة أو شعر قيس بن ذريح في لبنى. وهل ينسى الواحد منا مجنون ليلى، وشعر عنترة في عبلة.. وكذلك بالنسبة للفنانين في مجال الرسم أو النحت.. حيث أبدع المبدعون من رسامين ونحاتين في إنتاج آلاف اللوحات والمنحوتات التي باتت على مر الزمن والتاريخ لوحات خالدة ومنحوتات تجسد ذلك الشغف بملهماتهم.. زيارة لأي متحف أو معرض دائم في العالم يجد فيه مئات اللوحات والمجسمات هنا وهناك تؤكد لمن يشاهدها كيف استطاع الإلهام أن يؤثر في نفوسهم، وبالتالي يبدعون أعمالهم التي أخذت الكثير من الوقت والعمل.
من هنا يتكون الإبداع ويتضاعف الإلهام ليجري كالسيل في أرض عطشى. هكذا هو الإلهام في كل مكان. ورغم ما كتب وقيل في هذا المجال فإن الإلهام قبل وبعد هو من الله سبحانه وتعالى، فهو الوهاب والمعطي الذي يمنح الموهبة لكل من يختاره.. وإذا بهذه الموهبة تتنامى يوماً بعد يوم لتثري المكان والزمان.
وكم شاهدنا أعمالاً أثارت إعجاب الملايين بعدما ساهمت التقنية في نشرها أمام المشاهدين. والمدهش والمثير للإعجاب والتقدير هو أن تشاهد مبدعاً او مبدعة من أصحاب الإعاقة كلاهما يرسمان بقدميهما. لقاءات كثيرة تعرضها القنوات التلفزيونية العربية والعالمية مع مبدعين ومبدعات باتوا مشاهير نتيجة لكرم القدر معاهم ومنحهم الإلهام والموهبة معاً. وهذا من دلائل الإعجاز الإلهي.. وما زلت أذكر كلمات الأستاذ المبدع فكري أباظة عندما سألوه عن الإلهام والملهمات فقال: لا أريد أن أدخل في الموضوع قبل أن أسجل أن الله سبحان وتعالى هو الملهم الأول والأخير.
وماذا بعد الالهام يمد يده للمبدع ليدفعه بحب أن يعبر عن كل ما من شأنه يساهم في تجسيد جماليات وطنه. وبطولاته شعراً أو رسماً أو كتابة ومن هنا نجد أن الإلهام وراء كل إبداع في هذه الحياة. ومن خلاله تتحقق عزة الوطن وفخره بمبدعيه في كل مجال.