سهم بن ضاوي الدعجاني
عندما صدر قرار مجلس الوزراء قبل (4) سنوات بالموافقة على تنظيم هيئة الحكومة الرقمية، استبشرت حينها كغيري من المواطنين بهذا القرار المفصلي في رحلة الوطن نحو التحول الوطني بتعزيز الأداء الرقمي داخل الوزارات الحكومية الخدمية للرفع من جودة الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم، وتحسين تجربة العملاء مع الجهات الحكومية، ومنذ ذلك الحين وهذه الهيئة تمهّد الطريق للجهات الحكومية، لتوفير خدمات رقمية ذات جودة وكفاءة عاليتين تسهمان في رفع العوائد الاستثمارية والرفع من قيمة الاقتصاد الوطني، ولا تكتفي الهيئة بهذا الدور المحوري بل إنها تعمل بشكل مهني لقياس أداء الجهات الحكومية وقدراتها في مجال الحكومة الرقمية، لتحقيق رضا المستفيد، بل تسعى من خلال خطوات مدروسة للرفع من الوعي الرقمي لدى المواطنين، ومن تلك الخطوات نحو رقمنة الوعي المجتمعي، عندما أعلنت هيئة الحكومة الرقمية قبل فترة، نتائج «مؤشر نضج التجربة الرقمية للجهات الحكومية» لعام 2024، حيث ارتفع المؤشر إلى 85.04 % مقارنة بالدورة السابقة، كما بلغ عدد المنصات المشمولة لهذا العام 2024م (39 منصة) مقارنة بـ(24 منصة) في العام الماضي 2023م، والأجمل أن المشاركين في تقييم المنصات للدورة الحالية، قد ارتفع إلى (175 ألف مشارك) متجاوزين عدد مشاركي الدورة السابقة الذي بلغ (134 ألف مشارك)، وهذا مؤشر على نمو الوعي الرقمي لدى المواطن والمقيم على حد سواء.
و«التجربة الرقمية» هي مجمل تفاعلات المستفيد مع المنصات والخدمات الرقمية عبر جميع نقاط الاتصال طوال رحلة المستفيد مع الجهة، بدءًا من نقطة الاتصال الأولى عبر القنوات الرقمية للمنصة التي تقدم الخدمة، مروراً بمنظومات التعامل مع آراء وشكاوى المستفيدين، وانتهاء بتحليل آراء ومدخلات المستفيدين لتحسين الخدمات والمنتجات والقنوات الرقمية للمنصة، كما تتشكل التجربة الرقمية من عدة عناصر أساسية، أبرزها:
التصميم الذي يسهل على المستفيدين التصفح والعثور على المعلومات التي يحتاجونها وتكييف التجربة الرقمية بناءً على تفضيلات المستفيدين واحتياجاتهم، والاستجابة الفعالة لشكاوى المستفيدين، «مؤشر نضج التجربة الرقمية» يهدف بهذه الخطوة إلى مواكبة التوجهات الاستراتيجية للحكومة الرقمية ورفع نضج المنصات والخدمات الرقمية الحكومية، وتعزيز التجربة الرقمية للمستفيدين ورفع رضاهم وتأسيس ممارسات قياس نضج التجربة الرقمية بناء على أفضل المعايير الدولية، وتسريع التحول الرقمي للمنصات والخدمات الرقمية الحكومية، والاستفادة من المنصات والخدمات الرقمية ذات النضج العالي كنماذج وطنية، بل إن هذا المؤشر الحيوي يدعم عددًا من المستهدفات الوطنية في رحلة التحول الرقمي في المملكة، عن طريق: جودة الحياة ورضا المستفيد، وتعزيز التنافسية، والتحول الرقمي الحكومي، والاستدامة والأثر البيئي، والمشاركة المجتمعية، والمؤشرات الدولية والتنافسية الرقمية.
السؤال الحلم:
كيف نعزز «مؤشر نضج التجربة الرقمية» في تعزيز تصنيف المملكة في المؤشرات الدولية، وتسريع عمليات التحول الرقمي في مختلف مفاصل الوزارات الخدمية، في وطننا الغالي، لا شك أنه سينجح عندما يسهم هذا المؤشر النوعي في رفع رضا المستفيدين، وتعزيز تجربتهم الرقمية، وتحسين التفاعل معهم، بما يتوافق مع المؤشرات الدولية وأفضل الممارسات العالمية، مما يحقق المواءمة مع التوجهات الإستراتيجية للحكومة الرقمية، وتحقيق مستهدفاتها بشكل مستدام.
وأخيرا تحية إجلال لـ(175) ألف مستفيد شاركوا مع هيئة الحكومة الرقمية، مما يشكل تكاملا فريدا يستحق الإشادة والتقدير، لروح المسؤولية لدى المواطن الذي يؤمن بدوره المحوري في تطوير وتحسين عمليات التحول الرقمي التي يمر بها الوطن، وتحية تقدير خاصة لهذه المنصات العشر ذات الحضور الرقمي المتميز في المجتمع السعودي: (توكلنا، والتأمينات الاجتماعية والزكاة والضريبة والجمارك، وأبشر، وإحسان، واعتماد، ومساند، وقوى، روح السعودية، وناجز)، والتي نجحت بامتياز، في تغيير ثقافة الموظف في الوزارات الحكومية والذي بات ينظر للمراجع كـ«عميل» يستحق المنافسة في خدمته، ونقلت المواطن من ضيق الصورة التقليدية لـ«المراجع» إلى فضاء «المستفيد».