أبها - واس:
تحتل «الصحفة» وجمعها «صحاف» مكانة مهمة على السفرة الشعبية في منطقة عسير، حيث تضيف لمسة جمالية على المائدة وتتميز بشكلها وحضورها الأنيق، ما جعلها تحتل مكانة عريقة لدى الأهالي في المنطقة وترتبط وثيقاً بالطبيعة والعادات التقليدية القديمة في تحضير الموائد للمناسبات الرسمية.
وتُعد «الصحفة» من أهم الأواني الخشبية المصنوعة من شجرة «الغَرَبْ» أو ما يسمى بالدلب الغربي (Platanus occidentalis)، وهي إحدى الأشجار المعمرة التي يراوح عمرها بين الخمسين والسبعين عاماً، وتعود صناعتها إلى عصور قديمة حيث تجسد علاقة الإنسان بالطبيعة وتُعد بديلاً صحياً وآمناً في استخدام الأواني التقليدية.
وتحدث أحد المهتمين بصناعة وتجهيز الصحاف وهو المواطن حسن بن عبدالله الأسمري، الذي أكد أهمية توثيق هذا الموروث الأصيل والمحافظة على أساليبه والتعريف به للأجيال القادمة.
وأشار الأسمري إلى أن صناعة الصحاف تبدأ في البحث عن الشجرة المملوكة بمستندات شرعية أو عرفية يتم الاتفاق والمفاوضة على سعرها مع الشخص المسؤول عنها أو الأسرة التي تعود ملكيتها لها، ثم يحدد موعد الاستفادة منها وتجزّأ إلى أجزاء متفرقة، حيث تسمى كل قطعة منها بـ«اليزمة» وهي قطعة خشبية تراوح أبعادها من 70 إلى 90 سنتيمتراً ارتفاعاً، وعرضها بين 35 إلى 50 سنتيمتراً، ليتم نقلها وحفظها وتخزينها في مخازن مغلقة لمدة عام في ظل ظروف مناخية خاصة، بحيث لا تتعرض للتيارات الهوائية وأشعة الشمس خلال مدة الحفظ، حتى تكتسب خصائصها المعروفة بالصلابة وخفة الوزن، يلي ذلك البدء في تحديد قطرها وتخطيطها ثم فصلها إلى قسمين باتجاه عمودي، ثم تحدد الدائرة المستخدمة بأداة الرسم المعروفة بـ»الفرجار» من داخل الصحفة وخارجها، يلي ذلك تنظيف أطرافها الزائدة لتأخذ الشكل الدائري والنهائي لها، ثم تبدأ مرحلة الحفر التي يستخدم فيها الفأس، ليتم تصنيعها ونقشها وتعميقها باستخدام ما يسمى بـ»القدوم»وهي تشذيب الصحفة وتهذيبها حتى تتكون الدائرة النهائية للصحفة ثم تأتي مرحلة الصنفرة وتركيب «الحيل» وهي الأيادي المستخدمة في حملها وتثبت في طرفين أو ثلاثة وتصل إلى أربعة حسب حجم وقطر الصحفة.