محمد لويفي الجهني
سألني قائلاً: متى تصل إلى مرحلة التقاعد من العمل..؟
سؤال أزعجني وقلت في نفسي هذا سؤال خاص وهذا السائل (ملقوف) ولكن سؤاله أثارني وأعادني لمثيرات التذكر وبداية العمل ومحفزاته، فتذكرت متى كان أول يوم لي في العمل وأين وكيف كانت بداياتي ومراحلها ومحطاتها أحداث مرت بعقلي بسرعة وكأنها أيام عندها أدركت مقولة إن الرحلة قصيرة مهما طالت وإن الحياة مستمرة ولها أحداثها وأقدارها ومسبباتها ولكل رحلة نهاية مهما قصرت الرحلة أو طالت.
وأدركت كذلك وعرفت أن بعض الأسئلة إيجابية مهما كانت قاسية ومثيرة ومزعجة فهي تكشف أسرار وحلول رحلة العمر بمحطاتها المختلفة.
لذلك وأنا أتفكر وأتذكر في إجابات السؤال المزعج تذكرت قصة الفتاة التي كانت تجلس في حافلة، فتوقفت الحافلة، وركبت امرأة حشرت نفسها وحقائبها الكثيرة بجانب الفتاة وضايقتها لكن الفتاة بقيت متبسمة راضية ولم يبد عليها الانزعاج وكأن شيئًا لم يكن.
لكن رجلاً كان يراقب المنظر وانزعج مما رأى..
وسأل الفتاة لماذا لم تتكلمي وتقولي شيئاً للمرأة الفوضوية..!
فأجابت الفتاة بابتسامة هنية:
ليس من الضروري أن تكون قاسياً وتجادل في كل شيء تافه..
«فالرحلة قصيرة»
وأنا سأنزل في المحطة القادمة.
تأملت هاتين الكلمتين
«الرحلة قصيرة» وأهميتهما بيستحقان أن يكتبا بمداد الذهب ونعمل بها في تصرفاتنا اليومية.. ليس من الضروري أن تكون قاسياً وتجادل في كل شيء لأن «الرحلة قصيرة»..!!
إذا تنبه كل منا أن رحلتنا في الدنيا «قصيرة» لن نجعلها مظلمة.. مليئة بالجدل والخصومة.. والكيد وعدم العفو عن الآخرين..
لكي لا يضيع جهدنا ووقتنا وشبابنا وجمال حياتنا..
هل كسر أحدهم قلبك..؟
كن هادئاً
«فالرحلة قصيرة»..
هل ضايقك أو استهزأ بك أحدهم..؟
كن هادئاً
«فالرحلة قصيرة»..
مهما وقع عليك من ظلم تذكّر دوماً أن «الرحلة قصيرة»..
هل نسي أحدهم معروفك ووقفتك معه وسؤالك عنه..
كن هادئاً «فالرحلة قصيرة»
هل انتقص أحدٌ قدرك ولم يقدرك حق التقدير..!
كن هادئاً «فالرحلة قصيرة»..
رحلتنا هنا قصيرة جداً ولا يمكن الرجوع إليها بعد تركها..
ولا أحد يعلم مدتها ومتى تنتهي..
لا أحد يعلم هل سيبقى للمحطة التالية أم لا..
لنكن هادئين طيبين كاظمين الغيظ، صبورين ومع الآخرين متسامحين..
«فالرحلة قصيرة»..
والدنيا ممر والآخرة مقر.. جعل الله مقرنا في جناته جنات النعيم.. عبارات جميلة وفيها الكثير من العبر التي نستفيد منها في حياتنا الخاصة والعامة وما نواجه من ضغوطات كثيرة فممكن نتغلب عليها عندما ندرك أن رحلتنا قصيرة مهما طال المسير في الوصول إلى المحطة الأخيرة على سطح الأرض.