جانبي فروقة
يعتبر أداء الاقتصاد الأمريكي أحد العوامل المهمة في الانتخابات الرئاسية والتباطؤ الاقتصادي قد يكون له الأثر الكبير على فرص الديمقراطيين في الانتخابات الأمريكية المقبلة في نوفمبر 2024م فقد بدء يشهد الاقتصاد الأمريكي مؤخراً تباطؤا ملحوظاً فبعد تقرير مخيب للآمال عن أداء المصانع وارتفاع طلبات الحصول على إعانات البطالة وارتفاع البطالة إلى 4.3 % في يوليو (بعد أعلى مستوى منذ 2021م) مما أثار المخاوف من احتمال دخول الاقتصاد في مرحلة الركود ورأينا الأثر السلبي لذلك بتراجع حاد في الأسواق المالية.
بردت أسعار الفائدة المرتفعة سوق العمل بشكل تدريجي مما أدى إلى تراجع الأجور وضعف ثقة المستهلكين ولا يزال الناتج المحلي ينمو ولو بوتيرة أقل حيث سجل الاقتصاد نمواً سنوياً بنسبة 2.8 %. وسوف يقوم الناخب الأمريكي بلوم كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي في حال فقد الاقتصاد زخمه حيث إن الدراسات تشير إلى أن نمو الدخل الحقيقي للفرد في الربعين السابقين للانتخابات يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية حسب مجلة الإيكونوميست ورغم أن إدارة بايدن استطاعت أن تضيف 15 مليون وظيفة وتخفض ديون الطلاب بمليارات الدولارت إلا أن التضخم المرتفع وأسعار الفائدة وأسعار الغاز المرتفعة وارتفاع أسعار المنازل قد أثرت سلباً على شعور الأمريكيين تجاه الاقتصاد وبمقارنة بسيطة (رغم الظروف الاقتصادية المتباينة التي واجهتها كل إدارة) بين أداء إدارة الرئيس الأمريكي السابق ترامب والرئيس الحالي بايدن في زيادة الدين العام نجد أنه في فترة الرئيس ترامب زاد الدين العام بين عامي 2017 وعام 2021 م بمبلغ 7.9 تريليون دولار ليصعد من 19.9 إلى 27.8 تريليون بينما في فترة الرئيس بايدن من عام 2021 م إلى الوقت الحالي زاد الدين العام بمبلغ 4.9 تريليون دولار حيث صعد من 27.8 تريليون إلى 32.7 تريليون دولار.
سيكون عام 2024م أول عام انتخابي للرئاسة الأمريكية يرزح تحت التأثير الواسع النطاق للذكاء الاصطناعي قبل وبعد إدلاء الناخبين بأصواتهم بما في ذلك إعداد وتوزيع الرسائل العامة حول المرشحين وكذلك العمليات الانتخابية والخطر الأكبر يكمن في معالجة تأثير الذكاء الاصطناعي في الديمقراطية الأمريكية حيث سلط مركز الحملات القانونية الضوء على خطر الإعلانات السياسية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتوليد محتوى زائف واقعي ومضلل قد يكون الحافز للبعض لنشر معلومات كاذبة مصممة لتقويض المعارضة فأي شخص يمكنه أن يحدث ضجيجاً رقمياً يستثمر سخط الناس وقلقلهم وغضبهم من ملفات كالهجرة والاقتصاد وسياسة الإجهاض وقضايا المحولين جنسياً وحرب أوكرانيا ويساهم في بناء حالة من عدم اليقين ويطور سرديات كاذبة تأثر على الناخبين ولا سيما أن الانتخابات الأمريكية قد تتوقف على بضع عشرات الآلاف من الناخبين في الولايات المتأرجحة.
وكما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في التدخل في الانتخابات من قبل الجهات الفاعلة المحلية أو الأجنبية لاستهداف نزاهة أنظمة الانتخابات مثل قواعد بيانات التسجيل وآلات التصويت ونشر عدم الثقة ومن المخاوف الرئيسية هو التحيز الخوارزمي أو التمييز والذي يمكن أن يؤدي إلى أنظمة قد تحرم من غير قصد مجموعات معينة من الناخبين وتفضل مرشحين أو أحزابا معينة وإضافة إلى ذلك هناك مخاوف الخصوصية مع إدارة الذكاء الاصطناعي لكميات كبيرة من البيانات الحساسة مثل سجلات تسجيل الناخبين والتفضيلات السياسية حيث أن اختراق هذه البيانات وإساءة استخدامها قد يؤدي إلى نتائج كارثية مثل فضيحة كامبريدج أناليتيكا التي حصدت معلومات شخصية عن ملايين المستخدمين على موقع فيسبوك دون موافقتهم قبل أن تستخدمها لأغراض الدعاية السياسية.
رغم كل المخاطر والتحديات السابقة قد يكون للذكاء الاصطناعي تأثير إيجابي على الانتخابات الرئاسية لعام 2024م فهو يوفر فرصا مثيرة للوصول إلى مزيد من الناخبين ولا سيما الجيل Z وإعلامهم وتعزيز نزاهة الانتخابات وجعل عملية التصويت أكثر كفاءة حيث يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة المرشحين في إنشاء رسائل تستهدف الجماهير بشكل أكثر دقة من خلال جمع وتحليل كميات هائلة من البيانات الديموغرافية والسلوكية للناخبين ويمكن تخصيص الرسائل بشكل انتقائي حسب القيم والمصالح الفردية للناخبين مما يساعد في الوصول إلى الناخبين في الولايات المتأرجحة والذين لم يحسموا أمرهم بعد، ويوفر الذكاء الاصطناعي الاستجابة الفورية وتثقيف الناخبين التي يمكن أن تبقي الناخبين على اطلاع على آخر الأخبار وتوفر لهم معلومات ذات صلة وموثوقة حول المرشحين ومنصاتهم وعملية التصويت، كما ستعمل على خلق رسائل مضادة فعالة بكفاءة أكبر وكما سيساعد الذكاء الاصطناعي في إدارة الانتخابات وأتمتة مهام الانتخابات مثل التحقق من أهلية الناخبين ومسح وفرز بطاقات الاقتراع واكتشاف الأخطاء مما يساهم في تحقيق عملية تصويت أكثر كفاءة وأمنا.
سيلعب الجيل Z (زي) (1997 - 2012) دوراً واضحاً في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024 م حيث سيبلغ عدد الجيلZ الذي يحق له الاقتراع حوالي 41 مليون ناخب ويتميز الجيلZ بأنه جيل رقمي بامتياز ويستقى معلوماته من المنصات الرقمية ويتميز في ميله للدفاع عن القيم الليبرالية والمناخ ويهتم بالاقتصاد وسعادته ولديه رغبة في التغيير السياسي وقد شهدنا في انتخابات 2020م أعلى معدلات إقبال للشباب منذ الانتخابات الرئاسية في عام 1972م حيث صوت 61 % من الشباب التي تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً لصالح الرئيس جو بايدن بينما صوت 37 % لصالح دونالد ترامب حسب تقديرات الأمم المتحدة فإن حجم جيل زي Z سيصل إلى 1.98 مليار شخص وهذا يقرب من 20 % من إجمالي سكان العالم المتوقع أن يصل تعداده إلى 8 مليارات شخص في 2024م لذلك فإن الاهتمام بفهم سلوك التصويت لدى جيل Z بدأ يزداد مؤخراً وباتت الحاجة ملحة لمؤشر نوعي لقياس هذا السلوك ويتعلق بشكل أساسي بمدلات سعادة الشباب حيث كشف تقرير السعادة العالمي لعام 2024م أن معدلات السعادة بين الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما قد وصلت إلى أدنى مستوياتها في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا ونيوزيلندا وأوروبا الغربية، بينما زادت سعادة الشباب في دول مثل شرق آسيا وشرق أوربا. المشهد السياسي الحديث بدأ يتأثر بقوة الجيل Z ولاحقاً الجيل «ألفا» والتعامل مع هذا الجيل يحتاج إلى وعي وأدوات ومنصات ورسائل مختلفة عن الباقي.