عايض بن خالد المطيري
في زمن يتسم بسرعة التغير والتحولات التقنية، قد يتساءل البعض عن جدوى كتابة المقالات والأعمدة في الصحف في عصر التغريدات السريعة والمقاطع المصورة على وسائل التواصل الاجتماعي. فهل ما زالت المقالات تجد قراءها اليوم، أم أن العصر الرقمي قد أغلق الباب أمام هذا الشكل التقليدي من الإعلام؟
إن كتابة المقالات ليست مجرد عادة قديمة، بل هي وسيلة هامة لنقل الأفكار وتبادل الرؤى وطرح الحلول. فبينما تقدم التغريدات والمقاطع القصيرة محتوى سريعاً ومباشراً، تحتاج الأفكار المعمقة والمناقشات الجادة إلى مساحة أكبر للتعبير والتفصيل. وهنا يأتي دور المقالات الصحفية التي تمنح الكتاب والمفكرين فرصة لطرح رؤاهم بشكل متكامل ومنظم.
وبالتالي فكُتّاب المقالات والأعمدة الصحفية لا يكتبون للتعبير عن آرائهم، بل يساهمون في تقديم أفكار جديدة وطرح بناء للمجتمع. هؤلاء الكتّاب يمتلكون خبرات ومعارف متراكمة تمكنهم من معالجة قضايا المجتمع بطرق مبتكرة.
هذه المقالات لا تقتصر على عرض المشكلة بل تتناولها من مختلف الزوايا، وتقدم حلولاً واقعية يمكن تبنيها.
ورغم انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ما زال هناك جمهور واسع يفضل قراءة المقالات المفصلة، خاصة بين الفئات المثقفة والمعنية بمعالجة القضايا المجتمعية. فعلى سبيل المثال، أعضاء مجلس الشورى والمتخصصون في الشؤون الاجتماعية والسياسية يحتاجون إلى مصادر موثوقة ومعمقة لدراسة القضايا وطرح الحلول المناسبة لها. وتعد المقالات الصحفية مصدراً رئيسياً لهذه الأفكار والمقترحات.
ليس من النادر أن تكون بداية فكرة لمشروع أو قرار هام نابعة من مقال صحفي أو نقاش في مجلس عادي او استراحة. فقد تجد فكرة كاتب طريقها إلى النقاشات الرسمية، ويتم تبنيها وصياغتها لتصبح قراراً مؤثراً على مستوى الوطن والمجتمع. وهذا يبرز أهمية عدم التقليل من شأن التغريدات أو المقالات الصحفية، فربما تكون الشرارة الأولى لحل مشكلة أو إطلاق مبادرة مفيدة.
في النهاية، تبقى المقالات الصحفية قيمة دائمة للقراء والمجتمع على حد سواء. فبينما تركز وسائل التواصل الاجتماعي على اللحظي والعابر، تمنح المقالات مساحة للتأمل والتحليل، مما يجعلها مصدراً قيماً للمعرفة والرؤية العميقة. ولهذا السبب، سيظل هناك دائماً مكانا للمقالات الصحفية والكتّاب الذين يسعون لسد الفجوات وطرح الأفكار البناءة.