سهوب بغدادي
خلال الاستعمار الإنجليزي للهند انتشرت أفاعي «الكوبرا» السامة بشكل فتاك في مدينة دلهي، وللتعامل مع هذه الإشكالية خصصت السلطات البريطانية مكافأة لكل شخص يأتي بكوبرا مقتولة، ومع هذا القرار، شهدت المدينة الهندية تدنيًا ملموسًا في ظهورها، ولكن سرعان ما بدأ ظهورها من جديد بشكل أكثر كثافة، بعد أن اكتشفت البريطانيون أن المواطنين قاموا بتربية الكوبرا في منازلهم عوضًا عن قتلها بغرض الحصول على المال بشكل مستدام، وأدى إلغاء القرار إلى تفاقم المشكلة وزيادة أعداد الكوبرا، بعد أن كانت سلعة نفيسة، مما يستلزم إيجاد حلول للحل الذي اتُخذ سابقًا، في هذا الصدد، أضحى مسمى تأثير الكوبرا لصيقًا للحلول التي تقدم بشكل غير مدروس بشكل كافٍ، والتي من شأنها أن تؤدي إلى نتائج غير مرادة وعكسية، ويتم استخدامه في إطارات عديدة على سبيل المثال لا الحصر القرارات الاقتصادية والسياسية والإدارية على صعيد المنظمات والمؤسسات والأفراد على حد سواء.
من هنا، يتداخل تأثير الكوبرا في حياتنا وقراراتنا اليومية، ابتداءً من تربية الأطفال وصولًا إلى القرارات المهنية، ففي بعض الأحيان، يفضل الشخص الحلول البديهية أو السريعة لمشكلة ما، دون التفكير والتمحيص عن مواد القوة والخلل والضعف، فضلًا عن التداعيات والمخاطر المنوطة بالقرار المتخذ، وقد يكون لاتخاذك قرارًا يقتضي قطع جميع السكريات والحلويات والأطعمة الدسمة بشكل مفاجئ تأثيرًا عكسيًا على صحتك، في حال عودتك لما كنت عليه قبل القرار، ويعرف ذلك بتأثير اليويو، أي استعادة الوزن الذي خسره الشخص، أو أن يشهد الشخص تأثيرًا سلبيًا على حالته النفسية وشعوره بالحرمان والصراع اليومي الداخلي، وقس على ذلك من الأمور على اختلافها، فليس كل حل حلًا بالفعل.
إن معيار الحلول والقرارات والتغيرات تكون باستدامتها وإمكانية تطويرها ونقلها إلى مستويات أفضل وأرقى، مع معرفة التحديات المستقبلية المرتبطة بها حين اتخاذها والمضي فيها.
«أسرع ببطء»