د.م.علي بن محمد القحطاني
سُررت كغيري بخبر إلغاء عقد إجادة في منطقة الرياض بقرار من سمو أمين الرياض وعلى الرغم من أني لا ناقة لي ولا جمل ولكن مما قرأناه منذ بداية عملها وما تم تداوله في مجالس المال والأعمال، بل أيضاً في المجالس العامة في المجتمع عن أخطاء عمالة هذا البرنامج بمخالفة أصحاب المحلات وما صدر من تقارير نشرت في بعض الصحف المحلية عن أثرها السلبي على اقتصادنا الوطني وتسببها في إخرج المئات من المنشآت من السوق وأغلبها من المنشآت الصغيرة؛ لأن تأثيرها أكثر إيلاماً وأوقع أثراً عليهم علماً أن المنشآت الصغيرة ترس رئيس في العجلة الاقتصادية.
كما اطلعت على تصريحات لأمانة الرياض بوقف العمل ببرنامج الرقابة البلدية (إجادة) وهذه قمة الشجاعة الأدبية لما نتج عنه من أضرار على الرغم من تمكنه فعلًا من حل المشكلة الأساسية التي صمم لحلها فإنه لم يخلُ من الآثار الجانبية والمضاعفات التي أثرت على جوانب أخرى قد تكون كذلك في غاية الأهمية؛ حيث إن برنامج إجادة كان يقوم على تخصيص الرقابة مع شريك من القطاع الخاص تم ربط مؤشرات الأداء والنموذج التعاقدي بعدد المخالفات المرصودة.
وفي نفس السياق، أعلنت عن مولود جديد بدأت الأمانة العمل بالإجراءات النظامية لتصميم برنامج جديد يجمع بين مزايا البرنامج السابق في الضبط ورفع مستوى الامتثال ولا يضحي بالمخالفات الجسيمة حتى لا يؤثر على صحة السكان بإطلاق برنامج «مُثل» الذي يهتم أكثر بالتوعية والتنبيه على المنشآت لتلافي المخالفة قبل فرض الغرامة في المخالفات غير الجسيمة؛ لأن ازدهار ونمو القطاع الخاص هو محور مهم من محاور التنمية ويساهم في جذب المستثمرين بما يوفر لهم البيئة الملائمة للعمل والإنتاج على ألا يمس ذلك المخالفات الجسيمة والتي تؤثر سلبًا على صحة الإنسان.
وطالما أنها بدأت بالإجراءات النظامية التي تعني أنه سيأخذ وقته من الدراسة والتجارب وأتوقع أن تتم الاستفادة من برامج المحاكاة والذكاء الاصطناعي للخروج بمبادرة ناضجة قابلة للتطبيق مع تلافي كل المخاطر والآثار الجانبية التي قد تؤثر سلباً على المواطن والزائر والمقيم، تاجراً كان او مستهلكا، وتكون انعكاساتها إيجابية على الاقتصاد الوطني ولتعم الفائدة أكثر وعلى مستوى الوطن أتوقع أن تقود أمانة الرياض مشكورة الأخذ بزمام المبادرة كعادتها بعقد ورشة عمل يشارك بها بقية أمانات المدن الكبرى وبلديات المدن الأقل تصنيفاً، وكذلك مختصون من وزارة البلديات والإسكان لتبادل الآراء والأفكار واستخلاص إيجابيات الممارسات والتجارب العالمية ثم يتم إطلاق هذه المبادرة بشكل تدريجي وبعد فترة تجريبية كافية في واحدة أو أكثر من تلك الأمانات والرياض هي الأكثر جاهزية لمتابعته ومراقبة أثره وتأثيره أولاً بأول وقبل أن نفاجأ بما قد يترتب عليها من نتائج وسلبيات يمكن تداركها في حينه وتصحيحها لتلافي سلبيات التجربة السابقة وما لحق بالاقتصاد الوطني من آثار وبصغار المستثمرين الذين اخُرجوا من السوق والأيدي العاملة السعودية، ومن المؤكد أن خسائرنا من تجربة اجادة وآثارها على المدى البعيد تفوق بمراحل دخل الأمانة وشريكها في هذا البرنامج مجتمعين.
وكان الكثير يتوقع أن تحذو بقية الأمانات التي طبقت نفس التجربة حذو أمانة الرياض بإيقاف وإلغاء تلك الاتفاقيات، وأنا على يقين أن هناك حلولاً قانونية لتجميد أو إلغاء تلك العقود بأقل الآثار الممكنة لطبيعة العقود الحكومية المرنة في ذاتها تمكنهم من ذلك مع الاستفادة من تجربة أمانة الرياض في استمرارية أعمال الرقابة حتى يتم العمل بالمولود الجديد، والتي تشير التصريحات بأنه سيكون بإذن الله مكتمل النمو متميز المظهر وجودة المخبر.
سؤال يطرح نفسه وبقوة؛ أين دور وزارة البلديات والإسكان فهي المتفرج الصامت عما حدث ويحدث والأمر حالياً يتطلب قرارا عاجلا وسريعا من معالي الوزير لبقية المدن التي طبقت (إجادة) بإيقافه أسوةً بما قامت به أمانة الرياض واحتضان مبادرة مُثل واخضاعها لأعلى معايير الجودة وبالطرق العلمية المتبعة لتكون أنموذجاً عالمياً يقتدى به يمكن تعميمه على مستوى المملكة.
** **
- مستشار وخبير إدارة كوارث وأزمات