سطام بن عبدالله آل سعد
تعد الجماهير العمود الفقري لأي فريق كرة قدم، فهي ليست مجرد حشد من المشجعين يملؤون المدرجات ويهتفون بأسماء اللاعبين، بل هي مصدر الطاقة والإلهام الذي يغذي أداء الفرق داخل الملعب. الجماهير هي القوة الدافعة التي تُلهب حماس اللاعبين وتزيد من عزيمتهم لتحقيق الانتصارات. كما تلعب دورًا حيويًا في تعزيز الروابط بين النادي والمجتمع، مما يجعلها عنصرًا أساسيًا في استمرارية وتطور اللعبة.
وعلى صعيد الجماهير السعودية، تتجاوز الجماهير الهلالية حدود التشجيع التقليدي لتصبح شريكاً فاعلاً ومؤثراً في المشهد الرياضي. هذه الجماهير لا تقتصر على التواجد في المدرجات، بل تمتد تأثيراتها إلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث أثبتت أنها قوة لا يستهان بها في تشكيل الرأي العام الرياضي وتحليل الأحداث بعمق وموضوعية. الجماهير الهلالية ليست مجرد مشجعين، بل هم شركاء حقيقيون للنادي في مختلف الجوانب، وهذا يتجلى بوضوح في قدرتهم على إيصال وجهات نظرهم ودعمهم المستمر للنادي، فضلاً عن تفاعلهم الفعّال مع كل ما يدور في أروقة النادي، مما يعكس وعيهم بأهمية دورهم في مساندة النادي، ويجعل من أصواتهم قوة مؤثرة تحمل الكثير من الحكمة والموضوعية التي تستدعي الاستماع إليها وأخذها بعين الاعتبار في بعض القرارات.
تتميز الجماهير الهلالية -شركاء النادي- بوعيها وثقافتها الرياضية العالية، خاصة من خلال مساحاتها على منصة، التي أصبحت بمثابة برامج رياضية متخصصة في مناقشة وتحليل الأحداث الرياضية. يشارك الآلاف من الجماهير في هذه المساحات لتقديم رؤى وحلول للأزمات التي تواجه النادي أو الرياضة السعودية بشكل عام. هؤلاء الشركاء يتمتعون بقدرة كبيرة على قراءة وتحليل مجريات الأحداث الرياضية بعقلانية، مستفيدين من معرفتهم الواسعة وخبرتهم التراكمية.
إن التواجد الكبير للجماهير الهلالية على منصات التواصل الاجتماعي لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة لمصداقيتهم وحياديتهم في الطرح. تحظى هذه الجماهير بمتابعة واسعة من داخل وخارج المملكة، وذلك لالتزامها بالمهنية وتجنب الانحياز لأي جهة على حساب أخرى. هذه المصداقية جعلتهم مصدر ثقة للكثيرين، حيث يلجأون إليهم للحصول على أخبار حصرية وموثوقة، وآراء محايدة ومبنية على أسس علمية وتحليلية.
من أبرز مميزات مساحات الجماهير الهلالية هي قدرتهم على استضافة كبار الكتاب والصحفيين الرياضيين لمناقشة القضايا الرياضية. هذه الاستضافات لا تقتصر على النقاشات العادية، بل تمتد إلى إدارة حوارات رياضية تجذب آلاف المتابعين من داخل وخارج المملكة. إن قدرتهم على إدارة هذه الحوارات باحترافية عالية تعكس خبرتهم العلمية والعملية في هذا المجال، مما يجعلهم نموذجاً يحتذى به في تنظيم النقاشات الرياضية.
الجماهير الهلالية تتبنى فكراً راقياً في التشجيع، يقوم على فلسفة متكاملة تتجاوز الأفعال اللحظية للهتاف والدعم، لتصبح التزاماً مستداماً يعكس عمق الانتماء للنادي. هذا الفكر لا يرتبط فقط بأوقات الفوز والانتصارات، بل يمتد ليشمل الوقوف بجانب الفريق في كل الظروف، من لحظات التألق إلى أوقات التحديات. تدرك هذه الجماهير أن النادي جزء من نسيج اجتماعي ورياضي أكبر، ولهذا فهي تحرص على أن يكون تشجيعها نموذجاً يُحتذى به، لا فقط من ناحية الحماس والدعم، بل أيضاً من ناحية الانضباط والاحترام تجاه الفرق الأخرى والجماهير المنافسة. هذه الثقافة الرياضية الراقية، التي تتبناها جماهير الهلال، لم تعد تقتصر على المدرجات، بل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من هوية النادي، مما جعل الهلال نموذجاً يُحتذى به في المملكة وخارجها. بفضل وعيها ونضجها، تلعب الجماهير الهلالية دوراً أساسياً في نجاحات النادي وتوجهاته المستقبلية، حيث تحول التشجيع من مجرد دعم تقليدي إلى شراكة استراتيجية تسهم في تحقيق رؤية الهلال وطموحاته على المدى البعيد.
تدرك الجماهير الهلالية أن النادي ليس كياناً معزولاً، بل هو جزء من نسيج اجتماعي ورياضي أكبر، ولهذا فإنها تحرص على أن يكون تشجيعها نموذجاً يُحتذى به، لا فقط من ناحية الحماس والدعم، بل أيضاً من ناحية الانضباط والاحترام. هذا الانضباط يظهر جلياً في تعاملهم مع الفرق الأخرى والجماهير المنافسة، حيث يتبنون نهجاً يقوم على الروح الرياضية العالية، مع التأكيد على أن المنافسة في الرياضة يجب أن تظل ضمن حدود الاحترام المتبادل.
شكراً جزيلاً للجماهير الهلالية المستدامة التي أثبتت أنها ليست مجرد جزء من اللعبة، بل هي قلبها النابض، الذي يضخ الحياة في جسد الرياضة السعودية، والتي ألهمتني لكتابة هذا المقال.
** **
- مستشار التنمية المستدامة