د. فواز كاسب العنزي
تعد المخدرات والمؤثرات العقلية من أخطر الآفات التي تهدد المجتمعات في عصرنا الحديث إذ إنها لا تكتفي بتدمير الأفراد فحسب، بل تتجاوز ذلك لتدمير الأسر والمجتمعات بأكملها مما يؤدي إلى تفكيك نسيج المجتمع وتقويض أسسه المتينة، إن المخدرات تعد تحدياً كبيراً تواجهه الدول كافة وهي ليست مشكلة محلية أو إقليمية بل هي قضية عالمية تستدعي تعاوناً دولياً وتنسيقاً على أعلى المستويات من هنا تأتي أهمية الدور الذي تقوم به القيادة الرشيدة في المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في حماية الوطن من هذه الآفة الخطيرة ولقد أثبتت المملكة التزامها الراسخ بمكافحة المخدرات وحماية المجتمع من أخطارها من خلال إطلاقها العديد من المبادرات الوطنية والحملات التوعوية التي تهدف إلى تحصين المجتمع السعودي وتوعية الشباب بمخاطر المخدرات وأضرارها الجسيمة.
ومن بين هذه الجهود تأتي المبادرات الحثيثة التي تقودها اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية والتي تعمل بلا كلل على تنسيق الجهود الوطنية بين مختلف الجهات المعنية لمواجهة هذا التحدي الكبير تقوم اللجنة بتنظيم حملات توعوية مكثفة تستهدف جميع فئات المجتمع مع التركيز على الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل الشباب والمراهقين وتسعى اللجنة من خلال برامجها إلى تعزيز الوعي العام بمخاطر المخدرات وسبل الوقاية منها مع توفير الدعم اللازم للمدمنين وأسرهم للمساعدة في عملية العلاج والتأهيل.
إن جهود اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات لا تقتصر فقط على الجانب التوعوي، بل تمتد أيضاً إلى تطوير السياسات والإجراءات الرامية إلى الحد من انتشار المخدرات ومكافحة تهريبها وضبط المتورطين في هذا النشاط الإجرامي بالتعاون مع الجهات الأمنية والعدلية في المملكة وتعمل اللجنة على تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية لتبادل المعلومات والخبرات في مجال مكافحة المخدرات مما يسهم في تعزيز الأمن الوطني والدولي على حد سواء. هذه الجهود المباركة لم تقتصر على نطاق وطني فقط، بل امتدت إلى الساحة الدولية حيث تسعى المملكة لتعزيز التعاون مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية في مكافحة تهريب المخدرات وتبادل المعلومات والخبرات لمواجهة هذا الخطر العالمي وقد تمثلت هذه الجهود في دعم المملكة للأهداف الأممية للتنمية المستدامة والتي تسعى إلى تحقيق الازدهار والرفاهية والسعادة لجميع المجتمعات الإنسانية من خلال مكافحة المخدرات وتعزيز الأمن الاجتماعي.
وفي هذا السياق يبرز دور الأسرة والأم على وجه الخصوص كخط الدفاع الأول في حماية الأبناء وتوعيتهم بمخاطر المخدرات فالأسرة هي اللبنة الأساسية في بناء مجتمع قوي ومتماسك والأم بحبها العميق لأسرتها وصلابتها النفسية تلعب دوراً محورياً في توجيه أبنائها وإرشادهم نحو الطريق الصحيح من هنا تبرز أهمية التوعية المستمرة وتقديم الدعم اللازم للأمهات لتمكينهن من أداء دورهن الوطني والاجتماعي في حماية أبنائهن من المخاطر التي قد تهدد مستقبلهم ومستقبل الوطن.
إن استدامة الأمن الاجتماعي وتحقيق التنمية المستدامة لا يمكن أن يتحققا إلا بتضافر جهود الجميع بدءاً من القيادة الحكيمة وصولاً إلى الأسرة والمجتمع بأكمله ففي ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها المجتمعات اليوم يبقى الدور الأهم هو الدور الذي يلعبه كل فرد في حماية نفسه وأسرته ومجتمعه من المخاطر التي تحيط به ومن هنا نؤكد على ضرورة الاستمرار في حملات التوعية والتثقيف والدعم المستمر للأسر وخاصة الأمهات لخلق جيل واعٍ قادر على مواجهة التحديات والمساهمة في بناء مستقبل مشرق ومستدام للوطن.
** **
- باحث في الشؤون الإستراتيجية والأمنية