خالد بن حمد المالك
في حرب عام 1967م كسبت إسرائيل الحرب في ستة أيام، لأنها اعتمدت في عملياتها الحربية على عنصر المفاجأة والأسبقية، وفي حرب 1973م كانت الاستباقية في بدء الحرب لمصر فكان انتصارها، وأمس قام جيش العدو الإسرائيلي بضربات استباقية قبل أن يشن حزب الله هجوماً واسعاً على إسرائيل، إذا كانت الرواية الإسرائيلية صحيحة في سبب الهجوم الاستباقي على حزب الله، فكان تأثيرها القوي عسكرياً ونفسياً على حزب الله، وبالتالي أضراراً على لبنان.
* *
وإذا كانت ميليشيا حزب الله جادة في هزيمة إسرائيل -وهي بالتأكيد غير قادرة على ذلك- فقد كان الأجدر بها أن تتعلَّم الدروس من تجربة حربي 67 و73 وتأثير العمل العسكري الاستباقي في توجيه الحرب لصالح من له الأسبقية في بدئها، لا الانتظار حتى تحييد قواته، وتكون النتيجة كما حدث لحزب الله أمس، حيث شنت مائة طائرة حربية إسرائيلية هجومها على مواقع وقوات لحزب الله، دون أن يتم إسقاط ولو طائرة واحدة من هذا العدد.
* *
إسرائيل تنسق مع أمريكا، وحزب الله ينسق مع إيران، وفارق بين هؤلاء وأولئك، في كل شيء، فمن يعتمد على أمريكا ليس كمن يعتمد على إيران، خاصة في حرب مع عدو لا يرحم، ولا يفرِّق بين ما هو مسموح به في تقاليد الحروب، وما هو غير ذلك، فيهدم منشآت مدنية، ويقتل مدنيين، ولا يلتزم بالقوانين، ولا يخاف من المحاسبة، ويجد من أمريكا والغرب الدعم والحماية بلا حدود.
* *
الإعلام جزء من أدوات الحرب، وإسرائيل تكثِّف في نقل انتصاراتها بالصورة والكلمة، وعلى لسان المتحدثين، وباستخدام مواقع التواصل، والإذاعة الرسمية، فيما لا تقدم ميليشيات حزب الله أي معلومات عن آثار مئات الصواريخ والمسيَّرات التي أطلقتها باتجاه إسرائيل، ما يعزِّز الرواية الإسرائيلية، ويضعها في وضعها المستهدف، حتى وإن تجاهل المصدر الإسرائيلي التحدث عن خسائره في هذه الحرب بشكل مؤقت، الغرض منه خدمة نشاطه العسكري، وعدم تأثيره على معنويات الجيش.
* *
ومما يلفت النظر، أن حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، ليس من بين قائمة إسرائيل المستهدفة، وهو لغز محيِّر، مع أن إسرائيل تعرف كل شيء عن مكان إقامته وتحركاته، ولديها القدرة على الوصول إليه وتصفيته كما فعلت مع عشرات من عناصر حزب الله، ربما لم تقدم على ذلك لحسابات نجهلها، ولكنها مدروسة، وقد تكون لإسرائيل مصلحة في استثنائه من التصفية الجسدية، مع أنه لا يُعجزها ذلك، وهي التي قتلت إسماعيل هنية في مكان لم يكن يخطر على البال وقبله بساعات فؤاد شكر القائد العسكري المهم في حزب الله.
* *
الحرب بين إسرائيل وحزب الله إن توقفت فهي إستراحة، لأن إسرائيل حريصة على إنهاء تهديدات الحزب، كما فعلت مع حماس، وهذه فرصتها لإبعاده عن الحدود، وتحييده، بعد القضاء على مصادر تهديده، وقد لا يبقى -إذا ما تكرر مثل هذا الهجوم- من قوات حزب الله إلا بما يكفي لإيذاء اللبنانيين، بعيداً عن مبدأ المقاومة ضد إسرائيل الذي كان الغطاء المبرر لوجود قوات حزبية تضاهي الجيش اللبناني وتتفوَّق عليه.
* *
وسنرى ونراقب في الأيام القادمة ما سيحدث من تطورات في حرب غير متكافئة، وفي حرب تتكرر، ولم تحقق ميليشيات الحزب أي انتصار في أي منها، وأظن أن اللبنانيين سيكونون فرحين إذا ما هُزم حزب الله، رغم أنهم ضد إسرائيل، وضد وجودها دولة محتلة لفلسطين، لكنهم يعيشون في وطنهم لبنان أذلاء وفي خوف بوجود السيطرة الإيرانية على بلادهم عن طريق حزب الله.