د. عثمان بن عبد العزيز آل عثمان
عشت فترة من حياتي وما تزال مع أعضاء وعضوات مجلس البلدي في الرياض، والجمعية الخيرية لصعوبات التعلم، وجمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بنعجان، وكثيرًا من الجمعيات الخيرية، ووجدتهم من أكرم الناس وأحسنهم خلقًا، وأنقاهم قلوبًا وأجملهم طباعًا، ولم أرَ منهم إلا حب الخير للجميع، وكان التعامل فيما بينا يتسم برحابة صدر مدهشة، وتركوا في قلبي أثرًا عميقًا، ووجودهم كان يمنحني شعورًا بالأمان والطمأنينة، فقد كانت علاقاتنا أخوية صادقة أكون بينهم على سجيتي، وأتحدث معهم بعفوية، ونتعامل ونعيش بطبيعتنا دون أي تزييف، أو تكلف.
هم تيجان رأسي، ورفقاء روحي، ألجأ إليهم في لحظات همومي وحزني، فأجد في وجودهم الخير والفرح والأعمال الصالحة، وقد أوصى القرآن الكريم بالإحسان إلى «الصاحب بالجنب» في قوله تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا) (النساء 36).
وقد قيل: إن الصاحب بالجنب هو:
زميل الدراسة،
رفيق العمل،
المصاحب في السفر،
من جالسك في مسجد، أو حلقة، أو غيرها،
كل من وقف بجانبك في موقف مهم في الحياة؛ لذا أوجب القرآن الكريم الإحسان لهؤلاء جميعًا، بعد أن جمعهم بصفة واحدة هي «الصاحب بالجنب». فما أروعها من وصية عظيمة!
وما أقدسها من علاقة تستحق منا الوفاء لكل من أحسن إلينا، مهما كانت المدة الزمنية التي التقينا فيها قصيرة أو طويلة.
فالمحبة الصادقة هي ثمرة توفيق إلهي، وليست نتاج اجتهاد شخصي، إنها نتيجة انسجام طبائع يكمل بعضها البعض الآخر، ونفوس متآلفة متراحمة بالفطرة السليمة، فقد تتلاقى الأرواح في أماكن مختلفة، في محاضرة، أو ملتقى، أو سوق، أو تجمع، أو فرح، وفجأة تجد شخصًا يميل قلبك إليه براحة نفسية داخلية، كما لو أنك تعرفه منذ سنين، ولو تحدثت إليه عما حدث معك؛ ستجده يحكي لك ما حدث معه وكأنه نسخة مطابقة لتجربتك، فالأمر يبعث على التأمل والتفكير، وقد تتساءل: أترانا التقينا في زمن، أو مكان سابق؟
فالصداقة علاقة اجتماعية تربط شخصين، أو أكثر على أساس الثقة والمودة، والتعاون بينهم، وهي علاقة إنسانية مبنية على مجموعة من الأسس المتينة من الصدق والمحبة والإخلاص والتفاهم، والثقافة بأنه لا تستعجل على اتخاذ قرار يخدم الأخوة وأنت في حال الغضب الشديد، فالحياة جميلة ومشرقة بوجود أصدقاء صالحين.
نسأل الله تعالى لكل الأصدقاء والأقارب، وجميع المسلمين والمسلمات الخير والعطاء