خالد بن عبدالرحمن الذييب
يعتقد البعض عندما تحدث له مشكلة أو أي تغير في حياته أنه نهاية العالم، فالتقاعد نهاية العالم، ترك الوظيفة نهاية العالم، الانفصال بين زوجين نهاية العالم، عدم القبول في الجامعة نهاية العالم، عدم الحصول على وظيفة نهاية العالم، فوات قطار الزواج نهاية العالم. كل حدث أو تغيّر أو حتى استمرار على حال غير جيد لمدة طويلة يعتقد أصحابها أنه نهاية العالم، وهذا غير صحيح فنهاية العالم الحقيقية عندما تعتقد أنه فعلاً نهاية العالم. أما التغيّر فهو عالم آخر، بداية عالم جديد تنتقل فيه من مرحلة إلى أخرى، مرحلة أخذت منها دروساً وعِبَراً لتدخل في مرحلة أخرى تنظر فيها إلى الماضي وتأخذ إيجابياته وتضعها في حقيبة سفرك إلى المرحلة الجديدة، وترمي سلبياته وأخطاؤه في سلة مهملات المرحلة الماضية.
العالم لا ينتهي عند نهاية مرحلة من عالمك الخاص، فأنت لست إلا جزءاً من هذا العالم، والمرحلة التي عشتها وتعتقد أنها نهاية العالم ليست إلا جزءاً «صغيراً» من عالمك الخاص، والذي يمثِّل جزءاً من جزء أكبر فلا تعتقد أن جزءاً صغيراً أو مشكلة صغيرة ستحرك العالم أو توقفه، ففي نفس اللحظة التي يتعكّر مزاجك بسبب مشكلة تمر عليك الآن، هناك أشخاص يخططون لمستقبل أفضل لهم، قد تكون الأقدار ساعدتهم أكثر منك بظروف أفضل، ولكن ثق تماماً أن الحياة التي ساعدت غيرك لن تقف في وجهك، نعم، هناك ظروف قد تساعد البعض للنجاح، ولكن الظروف لا تمنع أحداً من العيش بارتياح، لأن الارتياح والسعادة قرارات داخلية لا علاقة لها بالظروف الخارجية، فالظروف والأقدار ليست إلا وسيلة نقل من مكان إلى آخر، فمن لديه هذه الوسيلة فليستغلها أما من لا يملكها فعليه ألا يأسى على عدم الحصول عليها، فوسائل النقل متعددة، ومن لم يحصل على السيارة هناك القطار، ومن لم يجد القطار هناك الدراجة.. وهكذا.
بل إن الظروف أحياناً قد لا يستطيع صاحبها الوصول إلى السعادة إن لم يعرف كيف يستفيد منها، فمن لديه السيارة مهما كانت سرعتها فإن لم يكن يعرف الاتجاه فهو لن يصل أبداً، بل سيتخبط في طريقه يميناً ويساراً ويضيع وقد لا يستطيع العودة، أما من ليس لديه إلا المشي فإن كان يعرف الاتجاه سيصل حتى وإن تأخر قليلاً.
إذن فإن كل تقلبات الحياة أمر متوقع {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ}، لذلك يجب أن نتعامل مع هذه التقلّبات والمتغيّرات بشكل طبيعي. لا شك أن الحزن والهم نتيجة بعض المتغيّرات شر لا بد منه، ولكن يجب ألا تأخذ أكثر من وقتها وحجمها الطبيعي.
أخيراً ...
لا بد للإنسان أن يتجاوز المرحلة ويتخذ القرارات للدخول في معترك جديد نافضاً عنه غبار الماضي، وترسبات الزمن القديم..
ما بعد أخيراً ...
الحياة أفضل وأجمل من أن نعيشها في الماضي!