مها محمد الشريف
تثير الخارطة المطروحة اليوم على مساحات متباينة من العالم طبيعة تناحرية وإثارة العداوات، والإنسان في كل بقاع العالم لا يريد أن يعيش دائماً في الحروب، بل أن يحيا في الأمن والسلام، والواقع أن هناك من لا ينظر إلى غاية السياسة في المجتمع الدولي الغربي ويشكل عقبة في طريق السلام، ففي الغرب حرب روسيا وأوكرانيا وفي الشرق حرب إسرائيل على فلسطين، وجدلية قائمة بين صراع الصديق والعدو، ومن ثم المعنى السياسي الغامض للسلام والحرب.
فالقيادة السعودية أرست قواعد صلبة للأمن والاستقرار، وبشهادة العالم تحولت المملكة إلى واحة أمان ونموذج تنموي صاعد في الشرق الأوسط؛ ما يعكس قوَّة الدولة السعودية وقوَّة أجهزتها الأمنية في تحقيق الأمن. ولم تكُن حزمة التحدِّيات الأمنية التي واجهت المملكة، حيث تمكَّنت نتيجةَ الحُكم الرشيد لقيادتها من تحييد تداعيات التحدِّيات الأمنية المتصاعِدة في الشرق الأوسط، والقضاء على الإرهاب والفكر المتطرِّف في الداخل، وتحقيق التناغم والانسجام الداخلي بين الملايين من الوافدين المختلفين عِرقيًا ودينيًا وقوميًا، وإدارتها الناجحة في الحشود الضخمة التي تضُمّ ملايين المعتمرين والحُجّاج سنويًا، وغيرها من النجاحات الأمنية.
لقد رسخت المملكة العربية السعودية مكانتها الإقليمية والدولية وبهذا تتجلى القيادة كقدرة تفرض أهميتها بالنسبة للعالم، مما يجيز لها أن تستخلص شيئاً من النتائج من هذه القدرة والقوة من حيث موقعها الجغرافي المميز الذي جعلها نقطة تقاطع لطرق التجارة الدولية عبر جميع العصور.وملتقى للحضارات وجسراً للتواصل الحضاري، وقوة استثمارية رائدة، ومحور ربط للقارات الثلاث.
لقد أنعم الله على المملكة العربية السعودية بمقومات جغرافية وحضارية واجتماعية وديموغرافية واقتصادية عديدة، تمكنها من تبوّؤ مكانة رفيعة بين الدول القيادية على مستوى العالم، وما يؤكد عظمة المملكة رسالتها السامية التي تسعى إلى تحقيقها على مدى عقود منذ تأسيسها كونها مهد العروبة والإسلام وبلد الحرمين الشريفين.
من الملائم هنا أن نوضح هذه الإنجازات والتطورات التي تعتبر بمثابة نموذج مثالي لما يحدث، ذلك لأنه استمرار لسياسة المملكة الحكيمة والثابتة في إقامة علاقات متوازنة مع الدول الشقيقة والصديقة، التي مكنتها من القيام بدور الوسيط المخلص والنزيه لحل الخلافات وتسوية المشكلات، وكمثال: (السودان) و(روسيا وأوكرانيا) وواصلت المملكة دورها الإنساني تجاه العالم، فتصدرت الدول المانحة في مجال تقديم المساعدات إلى الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.
واصلت المملكة ريادتها في مكافحة التطرف والحرب على الإرهاب والقائمة على ركائز أساسية هي عقيدة التوحيد، وشريعة الإسلام، داعمة أسس التعايش السلمي لجميع أمم العالم مهما اختلفت انتماءاتهم الدينية والطائفية والعرقية. وشددت دائمًا في مواقفها على رفضها القاطع بأن يسيء كائن من كان تحت أي ذريعة إلى الدين الإسلامي، أو أن يحاول تشويه صورته، أو أن يعتدي على القرآن الكريم أو أن ينال من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أو صحابته الكرام، أو أن يمس شيئاً من مقدسات المسلمين، فهناك علاقة ارتباط ووحدة ذات نظام جوهري وروحي يحافظ على النشاط البشري وفق القانون يبقى في ذاكرة الشعوب، وتعزيز الحوار والتعاون بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات واحترام الأديان السماوية عموماً، من أجل السلام والوئام في العالم.
فالمنجزات في المملكة يصعب حصرها، والعالم يتتبع حراكها اليومي، وذلك يؤكد تفوق سياسة قيادتها، وتفاني مسؤوليها، وتماهي شعبها مع ذلك الحراك المذهل لرؤية الأحلام رؤية 2030م، والتي تحظى بدعم لا محدود من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لولي عهده مهندس الرؤية، الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة؛ بالوصول إلى اقتصاد صناعي جاذب للاستثمار.
في هذا المعنى تكون السياسة فناً والأفكار تقوم بدورها الكبير، لاتخاذ القرار العملي للوصول إلى غاية تُدرك ما يتحقق من الأهداف فمن أبرز مبادرات المملكة دوليا: توقيع مذكرة تفاهم بشأن مشروع إنشاء ممر اقتصادي جديد يربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا، بما يحقق مصالح المملكة المشتركة، ويعزز الترابط الاقتصادي مع شركائها من الدول الأخرى وهذا بحد ذاته عمل عظيم ودور كبير تقوم به المملكة في تعزيز الأمن والاستقرار، بل وفي نظرة المجتمع الدولي للمملكة على أنَّها بقعة جغرافية آمنة؛ نظرًا لأهمِّية السلم والسلام للجميع.