عبد الله سليمان الطليان
لم تكن عبارات وكلمات التطرف التي صدرت من المستوطنين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش ويوآف غالانت وليدة هذا الوقت، بل هناك سوابق قبلها تفرد بها بعض قادة هذه (العصابات المستوطنة) أرض فلسطين وهي تفصح عن مدى الكراهية والحقد للعرب والمسلمين الذي يكن في صدور كافة المستوطنين الذي هو منتشر على نطاق واسع بينهم وذو خلفية دينية متطرفة، ولقد بدأها الحخام عوفاديا يوسف وهو الزعيم الروحي لحزب شاس السياسي الذي قال في إحدى خطبه التي بثتها الفضائيات إن «اليهودي عندما يقتل مسلماً فكأنما قتل ثعباناً أو دودة ولا أحد يستطيع أن ينكر أن كلاً من الثعبان أو الدودة خطر على البشر، لهذا فإن التخلص من المسلمين مثل التخلص من الديدان أمر طبيعي أن يحدث».
طبعاً تلك العبارات والكلمات لا تجد صداها في الإعلام الغربي ولا تذكر إلا في حيز ضيق ومرور مثير للتعجب، ولنتخيل لو أن هذا صدر عن فرد مسلم وإن كان خطابه يمثّل نفسه أو جماعة دينية تكون منحرفة عن جادة الصواب، سوف نجد التأجيج والشحن الشعبي عبر الحوارات والنقاشات التي تضج بها الكثير من القنوات الإعلامية الغربية، إنه (إسلام فوبيا) كل المسلمين في بقاع الأرض سوف يكونون مصدر الهجوم بدون تمييز وأنهم يمثّلون الخطر على القيم الحضارية الغربية. يقول المفكر والأديب الهندي بانكاج ميشرا صاحب كتاب (زمن الغضب.. تاريخ الحاضر) (إن الغرب عبر منظري تصادم الحضارات والعالم الحر في مواجهة العالم غير الحر اقتصروا في قاموسهم على كلمات مثل الأيديولوجية والتهديد وصراع الأجيال وأمعنوا في التفسيرات العرجاء من قبيل الإسلامية الفاشية والتطرف الإسلامي والأصولية الإسلامية واللا عقلانية الإسلامية، أفرغت الإسلام بشكل غير مسبوق من محتواه وتناست أن هذا الدين يجمع عدداً هائلاً من البشر من مختلف المشارب، صاروا كلهم محل شبهة في عين غيرهم.
ويضيف في جزء آخر، إذ يوصف اليوم الراديكاليون عادة بالمعادين للحداثة والمتعصبين ضد الغرب، ويتناسى واصفوهم بأن آباءهم الروحيين نتاج للغرب الحديث نفسه الذي أنجب أيضاً الآباء الروحيين لعديد من القوميين في الغرب من المجر إلى أمريكا، المطالبين اليوم بالتحرر الحقيقي من نخب الحضرية ولعل أبرز هؤلاء الآباء جان جاك روسو الساخط على صالونات باريسية, مدشن الخطاب المندد بالمجتمع التجاري الحديث الفاسد معنوياً والمجحف).. انتهى.
إن القيم الحضارية التي تتصدر الخطاب السياسي والإعلامي والثقافي الغربي في مواجهة (الإسلام) تختفي تماماً عندما تصدر من المتطرفين المستوطنين الدينيين على أرض فلسطين وخاصة في أمريكا (واحة الديمقراطية التي تجتمع مع الدين) فقط في مسألة فلسطين من خلال الإنجيليين المتعصبين الذين يدعمون المستوطنين بكل وسيلة، بينما إذا ساند المسلمون أهل فلسطين فإن الخطاب سوف يصفهم بالإرهاب الذي سوف يقضى على الحضارة الغربية وقيمها.