خالد بن حمد المالك
انصرف العالم إلى ما يجري من حرب إبادة في غزة منذ السابع من شهر أكتوبر من العام الماضي، وانشغل عن الحرب الأخرى التي تجري في الضفة الغربية من فلسطين، حيث تجري اقتحامات الجيش الإسرائيلي للأحياء والمخيمات والبيوت، وتقتل، وتصيب، وتأسر، ولا صوت يعلو على صوت إسرائيل.
* *
ولا تقتصر الاقتحامات على الجيش، بغطاء جوي أحياناً، وجرف المنازل، والطرقات، وإغلاق الممرات، وإنما يشارك المستوطنون المتطرفون بأعمال إرهابية، بحماية عناصر مسلحة من الجيش، والويل لمن يعترض، أو يقاوم، أو يرفع صوته محتجاً على مشاهد الدماء والجرائم.
* *
وللتغيير في هوية سكان الضفة، وتغيير جغرافيتها، تقوم إسرائيل بالتدريج من فترة لأخرى بإقرار بناء مستوطنات جديدة في مواقع كانت مزارع أو سكنى للفلسطينيين، في عمل مدروس، ومخطط له، لمضايقة كل ما هو فلسطيني، ووضعه تحت التسلط الإرهابي من الإسرائيليين.
* *
يحدث كل هذا أمام سمع العالم وبصره، وأمريكا تكرر أن للفلسطينيين الحق في إقامة دولتهم في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي ذات الوقت هي من تحمي إسرائيل، وهي من تمدها بالسلاح الذي يقتل به الإسرائيليون أصحاب الأرض الشرعيين.
* *
والمسلمون في العالم في حالة صمت على جرائم إسرائيل، لا اعتراض، ولا موقف مسؤول، ولا تضامن حتى بكلمة تندد بهذه الجرائم غير المسبوقة، وتكرر هذا السلوك الإرهابي الذي تقوم به إسرائيل، وكأن دم الفلسطيني مباح، وكأنه حيوان كما يصفه وزير الدفاع ووزير الأمن القومي في حكومة إسرائيل المتطرفة.
* *
أما مجلس الأمن، فلم يعد لديه حيلة، ولا مقدرة، ولا صلاحيات، يوقف بها عدوان إسرائيل لأن أي مشروع لقرار لن يمر دون استخدام أمريكا لقرار النقض، ما جعل المجلس لا يتقدَّم بمشروع قرار في ظل سيطرة الفيتو الأمريكي على أي قرار يدين إسرائيل، دون احتجاج من بقية الدول دائمة العضوية في المجلس.
* *
حرب غزة في أمتارها الأخيرة، وسوف يتوقف القتال باتفاق يبرم، أو بقتال يستمر، ولن تطول مدته، ولإسرائيل مصلحة باتفاق مذل، أو باستمرار معركة لا تكافؤ فيها بين حماس وإسرائيل.
* *
ويبدو أن إسرائيل ليس هدفها السيطرة على قطاع غزة فقط، وإنما السيطرة أيضاً على الضفة الغربية وما يجري فيها من حرب مفتوحة وواسعة لم تشهده منذ أكثر من عشرين عاماً، يظهر أن نوايا إسرائيل أبعد من إلقاء القبض على مسلح أو مجموعة مسلحين، وإنما تعزِّز موقفها برفض إقامة دولة فلسطينية مهما كان الثمن، وأن ما تم الاتفاق عليه في أوسلو كان خطأ تاريخياً يعتبركما لو أنه لم يكن بحسب تصريحات رئيس وزراء إسرائيل وحكومته المتطرفة.