ناهد الأغا
الجنادرية اسم لروضة كانت تُسمى قديماً، وهي موجودة بمنطقة الرياض وتابعة لوادي السلي، أرضها خصبة تزهو في الربيع فيقصدها الأهالي للتمتع بجمالها وجوها البديع، حيث يمرحون ويستأنسون ويمارسون ألعاباًً، كان الأجداد يقومون بها في ماضي الزمان.
في عام 1405 هجري 1985 ميلادي بدأت انطلاقة مهرجان الجنادرية، حيث افتتح الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله - دورته الأولى ليؤكد على أهمية التراث وربطه بالهوية والانتماء لأرض المملكة العربية السعودية وترسيخ العلاقة التبادلية بين التراث والنمو الثقافي وإظهار الجانب الحضاري للوطن؛ أما فكرة إقامة مهرجان الجنادرية فترتكز على رغبتين أساسيتين هي: الرغبة في تطوير سباق الهجن الذي يحظى بشعبية واسعة بين أبناء المملكة العربية السعودية كونه تقليداً وطنياً قديماً ورغبة التأكيد على إحياء التراث وعدم اندثاره ليتعرَّف عليه الجيل الجديد ويستمروا بالحفاظ عليه وإبرازه أمام شعوب العالم.
مهرجان الجنادرية يجسّد اهتمام المملكة بتراثها العريق وثقافتها الأصيلة وانتماءها للعالم العربي وهو مناسبة تاريخية ووطنية مهمة يحرص على استعراض صور من التاريخ السعودي وتأصيل الموروث الوطني في مختلف جوانبه مع الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية للمملكة؛ هذه الجنادرية تحكي الماضي بكل تفاصيله وألوانه؛ ويعد من أكبر المهرجانات التي تهتم بالثقافة والقيم الاجتماعية والأخلاقية والدينية والتلاحم الوطني؛ وعلى هذا الأساس أصبحت الرياض في كل عام تتحول إلى وجهة سياحية مفضَّلة للزوار من كل أنحاء العالم بمناسبة إقامة مهرجان الجنادرية الذي أصبح عمره أكثر من 30 سنة منطلقاً في فصل الربيع من كل عام ومدته أسبوعان، يجذب العديد من السياح والزوار، هو قصة موروث وطني لفن اللعب بالحديد الذي يشبه الاستعراض العسكري لبث الحماسة في نفوس المحاربين وفرحة الانتصار وهذه تحولت إلى فن من الفنون الشعبية التي تستعرض في الأفراح والمناسبات لإثارة البهجة والسرور في نفوس الحاضرين، هذا المهرجان الذي يُقام تحت إشراف وزارة الحرس الوطني السعودي، يقدِّم العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية، كالعروض المسرحية والفلوكلورية والرقصات الشعبية والندوات الشعرية إضافة إلى مسابقات الأطفال وبعض الألعاب واستعراض الحرف اليدوية من خلال السوق الشعبي الذي يعرض أكثر من 300 حرفة تقليدية من جميع أنحاء المملكة ومشاركة العديد من الدول العربية والأجنبية يشارك فيه الحرفيون بإبداعاتهم في صناعة المشالح والمسابح والخزازة وصناعة الأختام وكتابة الأمهار والكثير من الأشغال اليدوية.
يعد مهرجان الجنادرية منصة مميزة للأدب الشعبي السعودي وذلك بإقامة الأمسيات الشعرية التي يشارك فيها كبار الشعراء من داخل المملكة وخارجها. أما العرضة السعودية فهي حدث بارز في المهرجان التي تعد رمزاً للوحدة الوطنية، وتعبر عن تماسك الشعب السعودي كما يتصدر سباق الهجن أولى الفعاليات، حيث يشارك متسابقون من أبناء السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وتشرف عليه لجنة تحكيم مختصة من ذوي الخبرة في تمييز أنواع الهجن المشاركة ومعرفة أعمارها؛كذلك سباق الخيل والفروسية من ضمن فعاليات مهرجان الجنادرية لما يمثِّله من موروث تاريخي وثقافي مهم للمملكة.
في هذا المهرجان الجميل الجامع لكل أشكال وأنواع التراث السعودي العريق يرتدي العارضون الجبة وهي من اللباس التقليدي والتي تعود جذورها إلى الماضي الأصيل؛ فهي عبارة عن رداء خارجي فضفاض يغطي كامل الجسم يُصنع من الحرير أو صوف الغنم الأبيض بعد غزله يدوياً وتكون الأكمام طويلة وتحتوي على أشرطة تزيِّن حاشية الجبة من الأسفل إلى الأعلى.
هذا المهرجان أصبح له صدى واسع الانتشار لما يحمل من قيم ثقافية وتراثية تجعل الإنسان السعودي معتزاً بها وبأصله وانتمائه لأرضه يحافظ عليها وينشر عبق الماضي في ثنايا الحاضر ويجعله مناسبة وطنية يجددها في كل عام هو ذا الهدف من مهرجان الجنادرية المتميز من بين كل المهرجانات التي تُقام في المملكة العربية السعودية.