خالد بن حمد المالك
في ليبيا حكومتان وفي اليمن حكومتان وفي السودان يهدد الدعم السريع بأنه سوف ينشئ حكومة له في الخرطوم مجاورة للحكومة الشرعية، وأنه سيكون لها سفراء في الخارج وتمثيل دبلوماسي أجنبي في الداخل، وفي لبنان حكومة واحدة ولكنها لا تحكم، وفي سوريا هناك ما يشبه الحكومة لدى كل من روسيا وأمريكا وتركيا وإيران وحزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي، حيث يسيطر كل منهم على جزء من الأرض السورية ويديرها، والصومال ليس بعيداً عن ذلك فإلى جانب الحكومة الشرعية هناك حكومة أخرى.
* *
يحدث كل هذا بقوة السلاح المنفلت، وتغذيته من القوى الاستعمارية المعادية لمصالح الدول والشعوب، مستغلة وجود استعداد من قوى داخلية للارتهان للمؤامرة ضد المصالح الوطنية، أحياناً عن جهل، وضيق أفق، وأحياناً لمصالح حزبية أو فئوية، مذهبية، أو دينية، لتتحول الدول إلى ساحات للقتال بين أبناء الوطن الواحد، وتعطيل مصالح الناس، وإرجاع الدول إلى ما كانت عليه قبل قرون، وليس هناك من يتعلَّم، أو يستوعب الدروس.
* *
الاستقرار هو العنوان اللافت في تقدم هذه الدولة عن تلك، وهو مصدر الأمن، والتنمية، والإسراع في البناء، وتحسين ظروف المعيشة لدى المواطنين، وجودة التعليم، وتوفير الخدمات الصحية، والارتقاء بمستوى الاقتصاد، والبناء على كل هذا بإقامة سلام وأمن بين المواطنين والمقيمين، ومع هذا فهناك من يعمل على تقويض كل ما يؤدي إلى الأمن والاستقرار، وجعل الوطن في حالة فوضى، والإجهاز على كل ما كان وما سيكون من تنمية في طول البلاد وعرضها.
* *
والمستفيد من كل هذا عدو الشعوب، المتآمر على خيراتها، المتربص للقضاء على ما يوفر الرخاء لها، والخاسر الأكبر هو المواطن الذي يتجرَّع هذا السم، ولا ينتفض ضد كل من يضمر له الحقد والكراهية، والتآمر على حاضره ومستقبله، مع أن كل شيء لا يخفى عليه، فهو واضح وضوح الشمس في وسط النهار، وبالتالي فالمطلوب منه صده ومواجهته، وتفويت الفرص التآمرية عليه بالتضامن والتعاون والنظر إلى المصلحة العامة، بلا تردد أو تفكير أو تراجع عن هذا الهدف.
* *
أليس من المحزن المبكي أن نرى الوضع كما هو عليه الآن في سوريا واليمن ولبنان والعراق وتونس وليبيا والسودان وغيرها من بعض دولنا العربية، دون أن تُصحح الأخطاء، وتُعالج الأوضاع، ويتم التركيز على التعاون والحوار بين الجميع للخروج من الأزمات في هذه الدول التي تعاني بين من هي في وضع خطير، ومن هي أقل من ذلك ولكنها مرشحة لما هو أسوأ، وأن يتم التخلص من أي تصرف أو عمل يؤجج الخلافات، ويزيد من التوتر، ويعطي الأجنبي الفرصة ليقول كلمته، ويملي إرادته، ويؤثِّر على مستقبل البلاد بما هو أسوأ.
* *
أكثر من حكومة تتنازع السلطة في أكثر من بلد عربي، أمام أنظار شعوبها التي لا تمتلك القدرة على التصدي لهذه الظاهرة التي لا تسر إلا حين تتضامن وتتعاون مع بعضها، طالما أن من يُمسك بتلابيب السلطة هم من لا يفكرون إلا بمصالحهم، بصرف النظر عن حجم الأخطار التي تتوالد تباعاً وتحدق بدولهم وشعوبهم، خاصة مع استمرار هذا النهج غير السوي في إدارة هذه الدول، ومن ثم إغراقها بما لا قدرة لها على تحمّله من المشاكل المزمنة.