سطام بن عبدالله آل سعد
ليلة أمس، اجتمعنا في مجلس مع بعض الأقارب، وكان من بيننا قريب نصراوي معروف بحماسه وانفعاله عندما يتعلق الأمر بناديه المفضل. وكعادة المجالس التي يجتمع فيها عشاق الكرة، كانت الأحاديث تتنوع بين كل ما يخص الرياضة. لكن هذه المرة، كان الحديث متركزًا حول نهائي كأس الدرعية الذي جمع بين الهلال والنصر، تلك المباراة التي أصبحت حديث الجميع، كيف لا والهلال استطاع قلب المباراة في 17 دقيقة فقط، محققًا انتصارًا تاريخيًا في كل مرة.
مع بداية الحديث، توقعت أن يكون قريبنا النصراوي، كعادته، في حالة من الانفعال والدفاع المستميت عن ناديه، خاصة عندما يبدأ النقاش حول التحكيم. لكن هذه المرة، كان هادئًا، غير منفعل، وكأنه قد تصالح مع الواقع. لم يتطرق لأي جوانب تحكيمية، ولم يحاول التمسك بأعذار لطالما كانت حجة النصراويين. بل على العكس، كان منطقيًا وعقلانيًا في طرحه، وكأن الهزيمة الكبيرة قد جعلته يرى الأمور بوضوح لم يكن يملكها من قبل.
عندما سألته عن سبب هذه المنطقية المفاجئة، أجاب ببساطة، «الفريق النصراوي لم يجعل للجمهور أي عذر كي يسامحه. لم يعد الفريق يمتلك الرغبة في الانتصارات، بل بالعكس، أصبح الفوز في أي مباراة بالنسبة له وكأنه تحقيق بطولة». ثم أضاف بحسرة، «أما الهلال، فالوضع مختلف تمامًا. الهلال يلعب كل مباراة وكأنها نهائي، الفريق دائمًا يسعى للبطولات ولا يرضى بغير القمة. بينما الهلال يعتلي منصات التتويج ويحقق الأمجاد، بات النصر يكتفي بالبحث عن أعذار وأسباب تبرر الإخفاقات». كانت كلماته صادمة، لكنها تعكس مرارة الحقيقة التي يعيشها النصراويون في هذه الفترة، وتكشف الفجوة الكبيرة بين الفريقين.
ثم تحولت الأحاديث إلى أبنائه، فسألته عن فريقهم المفضل. وهنا جاء الرد الذي لم أكن أتوقعه، قال بضحكة خفيفة، «الحمدلله أنهم يشجعون الهلال». بدا مقتنعًا بقوة بتشجيعهم للهلال، واعترف بأنه الفريق الأفضل في آسيا، والفريق الذي يمكنه تمثيل الوطن عالميًا بأفضل صورة.
وأخيرًا، سألته عن نفسه: «هل ستستمر في تشجيع النصر؟» رمقني بنظرة ملؤها الانكسار والإحباط، كأنه يقول بدون كلمات، «أنا شجعت النصر بـ(الوراثة) وليس بالاختيار» كانت تلك اللحظة كافية لتدرك حجم الألم الذي يشعر به هذا النصراوي العتيق، وكيف أن حب النصر بات مرتبطًا بالتاريخ والعائلة، أكثر من ارتباطه بالأداء والانتصارات.
إنها قصة مشجع يتجرع مرارة الهزائم ويواجه حقائق قاسية، يبدي ولاءً لفريقه رغم كل الصعوبات، ولكن لم تعد تلك العاطفة الصادقة كافية لإخفاء الشفقة التي يثيرها موقفه. وهو ينظر إلى الهلال، يدرك بقلبه المعذب قوة الزعيم وعظمته، فالهلال المستدام لم يعد مجرد فريق بالنسبة له، بل بات رمزًا للفخر والانتصارات، الفريق الذي يشرف الوطن عالميًا ويرفع راية السعودية عالية. وبينما يبقى هو متمسك بماضيه النصراوي، يبقى الهلال في عينيه كالجبل الشامخ الذي لا تهزه الرياح.