د.شريف بن محمد الأتربي
أرتاد طريق الملك فهد في العاصمة الرياض يوميا خلال أيام العمل الرسمية منطلقا من وسط المدينة في اتجاه الشمال، وخلال رحلتي التي قد تستغرق ما بين 10 دقائق إلى 40 دقيقة أركز جل تفكيري على أسباب ازدحام الطريق خلال هذه الفترة الصباحية المبكرة (6.30 صباحا)، وذلك خلال أيام المدارس أو في غير أيامها، وقد رصدت خلال رحلتي عدة معيقات للطريق تسبب بعضا من هذا الازدحام.
أول هذه المعيقات، هو انتقال العمالة السائبة أو حتى المنتظمة من أماكن تكدسها في جنوب الرياض إلى شمال الرياض وخارج الرياض أيضا، حيث تقوم مئات السيارات التي يقودها سائقون أو عمال آخرون بجمع هؤلاء العمالة وتكديسهم في سيارات شبه متهالكة، وغالبا ما تكون هذه السيارات محملة أيضا بالعدة والأدوات الخاصة بهؤلاء العمال، وقد تخيلت حلا لهذه المشكلة يبدأ أولا بمراقبة هذه العمالة ومعرفة نظامية أعمالهم، هذا من جانب، ومن جانب آخر يمكن أن تضع البلدية شرطا لفسح البناء أن يقوم المقاول أو صاحب البناء بتوفير عربات نوم (كرفان) للعمالة التي يستخدمها خلال الأسبوع بحيث تظل في محلها قريبة من مكان عملها وتعود إلى منزلها مع عطلة نهاية الأسبوع، وبهذا ستقل حركة هذه السيارات بنسبة قد تزيد على 80% والمتبقي هي العمالة الجديدة التي تلتحق بالعمل الجديد، وهؤلاء سيطبق عليهم نفس النظام، ومن يخالف من الملاك أو المقاولين يتم سحب الفسح أو الترخيص الخاص به.
وإضافة لهذه النقطة أيضا، فأنا أقترح ان يتم إصدار قرار بحظر الترخيص للسيارات التي مر عليها أكثر من 20 أو 25 عاما، وإذا سمح بترخيصها فهي للاستخدام العائلي او الفردي، وفي حال تم استخدامها لغير الغرض المخصص لها يتم مصادرتها وتغريم السائق، وفي حال تكرار المخالفة تضاعف الغرامة مع الإنذار بالاستبعاد خارج البلاد.
كما يمكن أيضا أن يقتصر منح رخص القيادة للعمالة المكتبية دون العمالة اليدوية المسجلة في سجلات إقامتهم مهن يدوية مثل عمال البناء، والشحن والتفريغ، والسباك، وغيرها من المهن اليدوية، وفي حال حصل على رخصة قيادة يتم كتابة تعهد بعدم استخدام السيارة أو الرخصة في غير الغرض المخصص له.
ثاني هذه المعيقات، هم الأخوة قادة السيارات بسرعات تقل عن السرعة المقررة على الطريق، فمثلا طريق الملك فهد صباحا تجد أحدهم يقود السيارة بسرعة لا تتجاوز 40-60 كم/ساعة، ويحجز حارة من الطريق كاملة منذ دخوله للطريق وحتى خروجه ليتبقى لكافة السائقين الآخرين حارتين فقط للسير فيهما، ومهما حاولت أن تلفت انتباهه بأنه معطل للطريق، لا يبالي بك وكأنك تحادث أصم، وهؤلاء إن أرادوا السير بهذه السرعة فعليهم الالتزام بطريق الخدمة والبعد عن الطريق السريع وتعليمات السير فيه.
هذا على جانب، أما الجانب الآخر لبطء بعض السيارات فهو انشغال السائق باستخدام جواله، فتجده قد (انسدح) في مقعده كأنه يجلس على أريكته المريحة في منزله، معطلا الطريق ولا يبالي، وإذا حاولت لفت انتباهه فيا ويلك منه سيستلمك طوال طريقك برعونة حتى تندم على كونك قد أزعجت سعادته في خلوته مع سيارته، وليذهب الطريق إلى الجحيم.
ثالث هذه المعيقات، هو أتوبيس النقل العام، فرغم أنه غالبا لا يستخدم الطرق الرئيسية ويكتفي بالخدمة؛ إلا أن إصرار العاملين على المشروع في إطلاق رحلة (خارج الخدمة) لتشاركنا الطريق، حاجزة لنفسها حارة كاملة تسير الحافلة فيها متبخترة كأنها عروس تزف يوم عرسها، بطيئة جدا في مشيها، كأنها «زحلف» يسير على أنابيب منزلقة، وكل ما تناله إذا لفت انتباه قائدها لبطئه، ابتسامة هادئة تنسيك عطلة الطريق وغصته.
وأخيرا وليس آخرا، السيارات المحملة بالمواد أو نقل المواد الخاصة بالبناء أو العفش أو غيرها، فتراها محملة فوق طاقتها، وهي تئن من حمولتها، تكاد تستغيث بك من صلف وجلف سائقها الذي لا يعبأ بها ولا بأنينها، فهو يريدها أن تكد كدا وتسير سيرا، حتى وإن انحرق قلبها او انكسر عمودها، وهنا الطامة الكبرى، حيث يتوقف الطريق تماما حتى تأتي إسعاف الطريق، أو الرفيق بعد ساعة أو ساعتين، يكون الطريق فيها قد أنَّ أنين المريض المستحيل شفاؤه، ويظل الطريق مزدحما ومرتبكا طوال اليوم، حتى تشيع جنازة السيارة، وتدفن في شارع أو حارة.
ومن أهم المعيقات للطريق، تلك المخارج المغلقة على جانبي الطريق، حيث تجد الطريق متسعا، وفجأة تقلص الحارات، ويضطر السائقون لمزاحمة الحارة اليسرى لهم، وتسري العدوة من حارة لحارة حتى يتكدس الجميع، وتنشب المشاجرات، وتضيق الأخلاق، فلماذا تسمى مخارج وهي مغلقة؟، أليس من الأفضل أن تظل مفتوحة، ومن يأتي من أقصى اليمين ويرغب في الدخول العنيف إلى الحارة اليسرى، يجبر على الخروج من المخرج، وعليه سيلتزم الأغلبية بالسير في الحارات الرئيسية وعدم التجاوز من آخر حارة في الطريق.
إن المشكلات المرورية تؤرق كافة دول العالم، كبيرها وصغيرها، متقدمها ومتأخرها، ولكننا في المملكة العربية السعودية، وبفضل الله تعالى ثم بفضل قادتنا شطبنا كلمة المستحيل من القاموس السعودي، فهل نشطب مشاكل المرور؟.