أ.د.عثمان بن صالح العامر
السلوك الإنساني أياً كان نوعه هو «مسبِّب»، صَغُر ذلك السلوك أو كبر، كان جماعياً أو فردياً، رجالياً أو نسائياً، وهذه سنة من سنن الله - عز وجل - في بني الإنسان، ولكن هذا السبب قد يتولد في اللاشعور، من خلال العقل الباطن الذي يختزل ويختزن المواقف، ويولد ردود الأفعال جراء ما يحتفظ به من مشاهد مؤذية أو أنها سعيدة، وربما انفجر الإنسان لسبب بسيط وصار من يراه ويقرأ الحدث ببساطته يظن أن هذه القشة هي من ولد ردة الفعل العنيفة، فيتعجب من كون القانون الفيزيائي الذي يقرر أن الفعل يولد ردة فعل مساوية له في القوة مضادة له في الاتجاه لم ينطبق على السلوك الإنساني الذي حدث أمامه أو سمع عنه.
إن هناك نوعاً من البشر درب نفسه على سلامة الصدر من الضغائن والأحقاد؛ ولذلك يحرص على ألا يبقى في قلبه من سجل الأيام إلا ما هو إيجابي وجيد فيعيش مطمئن النفس هادئ البال سليم المضغة عفيف اللسان، وهناك في المقابل من يجمع ويراكم في ذهنية المواقف ويحلل ويضخم والأساس عنده سوء النية وفساد القصد، ولذلك حين ينفجر تفاجأ به كالبركان الذي يثور في وجه بني آدم بلا هوادة ولا رحمة ولا حسبان، وحين يهدأ ويعرف بالحقيقة في جميع ما مر به من مواقف كانت الوقود الذي أضرم النار في صدره يعتذر عمّا صار ولكن بعد فوات الأوان.
هذا على المستوى الشخصي والحال كذلك حين النظر في حال الجماعات الفكرية والتنظيمات السرية التي تخطط لتوظيف الفئات المجتمعية بسيطة التفكير، محدودة الإدراك، ذات الاحتياجات اليومية الملحة.. إذ تضخم في عقليتها الأخطاء، ويعزز الشعور بالاغتراب، وتوظف الطاقات التي صارت في خانة السلبية الوطنية لضرب الوطن من داخله، وممارسة النقد الهدام بكل صوره وبجميع ألوانه وعلى الكل بلا استثناء، والنهاية المتوقعة والتي تبرهن عليها شواهد الواقع العربي الحي «ثورة بركان لا يهدأ» دون أن يكون له مبرره المنطقي وسببه الحقيقي.
نعم نحن في مجتمع بشري له أخطاؤه وفيه عيوب، وقد يؤذيك ما تراه من فساد وتجاوزات، وتنافس ومجاملات و... ولكن لا بد أن تستحضر قبل أن تفتح خزينة أفكارك لتملأها بما هب ودب هذه القواعد الذهنية الخمس:
* أنك ترفل وتتقلب في هذه البلاد بنعم أثمن وأغلى بكثير مّما فقدت.
* أنك قد تلقي التبعة على ما أنت فيه من حال، وما فقدت - في ظنك - من مال أو جاه أو وظيفة أو سكن على غيرك ابتداء- من المسئول الصغير وصولاً للقمة - وقد تكون أنت أول المتهمين بالتخاذل والتقصير، فالفرص الوظيفية أمامك سواء في القطاع الحكومي أو الخاص أو الأهلي.
والحصول على لقمة العيش بين يديك، والمال قريباً من ناظريك ولكنك تعودت سلوك السهل من الطرقات، فاركب الصعب وابذل الأسباب وسيكون الفرج لك من عند الله.
* أنك قد تكون اعتمدت فيما قلت أو كتبت وربما فكرت وهممت أن تفعل، على ما سمعت أو قيل لك أو أنك قرأت دون أن تُعمل العقل فيه وتسبره جيداً وتقلب في وجوهه المختلفة، فتعرف الحق من الباطل والقوي من الضعيف والصحيح من السقيم.
* أنك تنظر دوماً إلى من هو فوقك، فتستقل ما في يدك، وتستصغر ما أنت فيه من حال، وغاب عن بالك ما أرشدك إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين السبب فيما أرشد إليه بقوله:
«فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله».
حفظ الله بلادنا، وحرس أرضنا، وحمى شعبنا، وأدام عز قادتنا، ونور بصيرتنا، وهدى ضالنا، وجعلنا جميعاً جنود حق، وحراس عقيدة، وحماة وطن.
وإلى لقاء والسلام.