سليمان داوود الرشيد
ضبط درجة حرارة مكيفات الهواء المثالية: توازن بين الصحة والاقتصاد والراحة
يعد ضبط درجة حرارة تكييف الهواء المناسبة (AC) أكثر من مجرد مسألة تفضيل شخصي، حيت يتعلق الأمر بتحقيق التوازن الذي يضمن الراحة مع مراعاة الصحة واستهلاك الطاقة سواء في المنزل أو في المكتب أو في الأماكن العامة.
إن فهم كيفية ضبط مكيف الهواء بحكمة خلال الصيف يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في الرفاهية العامة والمدخرات المالية. بعض الأمثلة على ضبط درجة الحرارة لمكيفات الهواء السيئة التي نواجهها هنا تكون في بعض مطاراتنا ومساجدنا وما إلى ذلك مما تتطلب الانتباه لها.
الاعتبارات الصحية
يجب أن تكون الصحة اعتباراً أساسياً عند ضبط درجة حرارة تكييف الهواء، حيث يمكن أن تكون درجات الحرارة القصوى للتكيف - سواء كانت شديدة البرودة أو دافئة جداً - آثاراً ضارة على الجسم. لذلك يوصي الخبراء عموما بالحفاظ على درجة حرارة داخلية تتراوح بين 24 - 25 درجة مئوية (75 - 77 درجة فهرنهايت). هذا النطاق مثالي لدعم وظائف الجسم الصحية.
يمكن أن يؤدي ضبط درجة الحرارة المنخفضة للغاية، خاصة أقل من 22 درجة مئوية (72 درجة فهرنهايت)، إلى مجموعة من المشكلات الصحية حيث يمكن للهواء البارد والجاف أن يجفف الجلد، مما يؤدي إلى تهيج البشرة والشيخوخة المبكرة ومشاكل الجلد الأخرى.
ويمكن أن تؤدي درجات الحرارة المنخفضة أيضا إلى تفاقم حالات مثل الربو، حيث يعمل الهواء البارد علي تضيق الشعب الهوائية. علاوة على ذلك، فإن قضاء فترات طويلة في بيئة باردة يمكن أن يقلل من الاستجابة المناعية للجسم، مما يجعل الأفراد أكثر عرضة لنزلات البرد والالتهابات الأخرى.
من ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي ضبط درجة الحرارة على مستوي مرتفع جداً إلى التعرق المفرط وعدم الراحة، خاصة في المناخات الدافئة والرطبة. يمكن أن يسبب ارتفاع درجة الحرارة إلى الجفاف والإرهاق الحراري والأرق عند النوم. بالنسبة لأولئك الذين يعانون من ظروف صحية موجودة مسبقاً، مثل مشاكل القلب والأوعية الدموية، فإن إدارة درجة حرارة داخلية مستقرة ومعتدلة أمر بالغ الأهمية للحفاظ على صحة جيدة.
الأثر الاقتصادي: تقليل استهلاك الطاقة
يعد تكييف الهواء أكبر سبب لارتفاع استهلاك الكهرباء في بلادنا الحبيبة. في الواقع، يمثل تكييف الهواء ما يصل إلى أكثر من 70 % من فاتورة الطاقة خلال أشهر الصيف ويمكن أن يؤدي ضبط مكيف الهواء برفع درجة الحرارة إلى كفاءة أكثر في استخدام الطاقة وتوفير كبير في التكاليف.
على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي زيادة درجة حرارة مكيف الهواء بدرجة واحدة فقط إلى تقليل استهلاك الطاقة بنسبة 6 - 8 % تقريباً. يمكن أن يؤدي ضبط مكيف الهواء على 25 - 27 درجة مئوية (77 - 81 درجة فهرنهايت) بدلاً من درجات الحرارة المنخفضة إلى خفض استخدام الطاقة بنسبة 50 % تقريباً في بعض الحالات. هذا لا يخفض فاتورة الكهرباء فحسب، بل يقلل أيضا من الطلب الإجمالي على شبكات الطاقة، وهو أمر مهم بشكل خاص خلال موجات الحر عندما يرتفع الطلب على الطاقة.
مثال، استهلاك الطاقة في المملكة العربية السعودية لعام 2022 كان تقريباً 300 تيراواط ساعة وبافتراض أنه خلال الأشهر الخمسة الحارة، يبلغ استهلاكنا للطاقة (من مايو إلى سبتمبر) حوالي 200 تيراواط ساعة، وإذا قمنا بضبط درجات حرارة جميع القطاعات عند 24 - 25 درجة، فهذا سيمكننا من توفير حوالي 80 تيراواط ساعة. وهذا سيؤدي إلى تحسن الجو وانخفاض يقدر بـ 40 مليون طن متري من انبعاث ثاني اكسيد الكربون.
وقد تبنت العديد من البلدان والمناطق، بما في ذلك أجزاء من أوروبا واليابان، استراتيجيات تبريد موفرة للطاقة، وتعديل درجات حرارة الأماكن العامة والخاصة لتحقيق التوازن بين الراحة والاقتصاد حتى في المرافق الكبيرة مثل المطارات، غالبا ما يتم ضبط المناطق المختلفة على درجات حرارة مختلفة لتحسين استخدام الطاقة مع الحفاظ على بيئة مريحة للمسافرين.
الراحة: تحقيق التوازن الصحيح
تختلف الراحة الذاتية اختلافاً كبيراً من شخص لآخر حيث يفضل بعض الناس بيئة أكثر برودة، بينما يشعر البعض الآخر براحة أكبر في الظروف الأكثر دفئاً. ومع ذلك، لا ينبغي أن تأتي الراحة على حساب الصحة أو فاتورة الطاقة الباهظة.
تشير وزارة الطاقة الأمريكية (DOE) إلى أن 78 درجة فهرنهايت (25,5 درجة مئوية) هي هدف جيد للتبريد الداخلي خلال فصل الصيف عندما يكون الناس في المنزل ونشطين. تسمح درجة الحرارة هذه لمعظم الناس بالبقاء مرتاحين دون إثقال كاهل نظام تكييف الهواء أو زيادة تكاليف الطاقة. وبالنسبة لأولئك الذين يجدون درجة الحرارة هذه دافئة قليلاً، فإن استخدام المراوح لتدوير الهواء يمكن أن يساعد في خلق تأثير تبريد دون الحاجة إلى خفض منظم الحرارة بشكل أكبر.
كذلك ينصح بضبط منظم الحرارة على درجات حرارة أعلى قليلاً في الليل، أو عندما تكون بعيداً عن المنزل، حتي نحصل على المزيد من توفير الطاقة دون التضحية بالراحة. ويمكن أن تساعد منظمات الحرارة الذكية في أتمتة هذه التعديلات، مما يضمن خفض درجة الحرارة عند الحاجة إليها ورفعها عندما لا تحتاج إليها.
الخلاصة: تحقيق التوازن الصحيح
يعد ضبط درجة حرارة مكيف الهواء عملية موازنة تتطلب مراعاة الصحة والاقتصاد والراحة من خلال استهداف درجة حرارة معتدلة تحافظ على بيئة مريحة دون الإضرار بالصحة والاقتصاد، لذا من الممكن ضبط درجة حرارة التكييف بحيث تناسب الجميع سواء في المنزل أو في المكتب أو في الأماكن العامة.
يمكن أن تؤدي التعديلات المدروسة على منظم الحرارة إلى نتائج صحية أفضل، وانخفاض فواتير الطاقة، ومعيشة أكثر استدامة.
** **
مهندس متقاعد أرامكو السعودية - مدير حلول المباني الخضراء للاستشارات الهندسية