خالد بن حمد المالك
بعد الضربة الموجعة التي قام بها الطيران الإسرائيلي لمواقع حزب الله العسكرية في لبنان، والتي اعتبرها الإسرائيليون عملية استباقية لهجوم كان متوقعاً من حزب الله، وكانت نتائجها بحسب المصدر الإسرائيلي أن تم القضاء على مصادر القوة لدى الحزب، وأنه لم يعد الآن في وضع يسمح له بأن يهدد شمال إسرائيل، بعد هذه الضربة توقف الحزب عن أي مناوشات، وتجنب إطلاق أي مسيرة وصاروخ إلى شمال إسرائيل، فيما لم تتوقف إسرائيل عن عدوانها إلى اليوم، حيث القتلى والإصابات في صفوف الحزب، وبين عناصر من حماس والجهاد، فضلاً عن تدمير المنشآت العسكرية.
* *
فهل فعلاً تمكنت إسرائيل من تحييد حزب الله، وأن الحزب أدرك بأنه لم يعد قادراً على مواجهة القوة العسكرية، حتى وهو يهدد على لسان أمينه العام حسن نصر الله بالانتقام لقيام إسرائيل بقتل فؤاد شكر الرجل القوي والمهم في الحزب، هل سيكتفي حزب الله باعتبار تأخره في الانتقام هو بمثابة عقاب لإسرائيل، كما هو تصريح الأمين العام للحزب في خطابه بعد ساعات من الضربة التي فوجئت بها عناصر الحزب، فقتل من قتل منهم، ودمرت إسرائيل الصواريخ والمسيرات وهي في مواقعها في المستودعات وخارج المستودعات.
* *
حسن نصر الله أدرك على ما يبدو أن اللعب بالنار ليست لعبته، وأنه منذ أن أحكم قبضته على لبنان، وهو يجر البلاد إلى التدمير إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه، وأنه لم يحرر أرضاً لبنانية، ولم يحافظ على ما كان خارج سيطرة إسرائيل من الأراضي اللبنانية قبل أن يتبنى وحزبه التوجيهات الإيرانية بمقاومة العدو الإسرائيلي باسم الممانعة، وهو ما أضاع لبنان، وكرّس احتلال إسرائيل لأراض لبنانية في الجنوب على بعد خطوات من تواجد ميليشيا الحزب.
* *
وفي هذه الحرب وتحديداً منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي أجبرت إسرائيل قوات الحزب إلى إخلاء مواقعها على الحدود مع إسرائيل، وألا تعود إليها مستقبلاً، وستفرض إسرائيل شروطها على الحزب، وضمنها أن سكان الشمال الإسرائيلي من الإسرائيليين يجب أن يعودوا إلى منازلهم، وأن هذا لن يتحقق إلا بإقصاء عناصر حزب الله ممن كانوا يتواجدون على الحدود، وليس هناك من خيار أمام الحزب لعدم قبول ذلك، وهذا قرار يكرره رئيس وزراء إسرائيل، ويصر عليه.
* *
إسرائيل تحتل أراضي لبنانية حتى قبل هذه الحرب، والجيش اللبناني ينأى بنفسه أن يكون طرفاً ضد إسرائيل في تحرير هذه الأراضي، فهو لا يملك القدرات العسكرية القادرة على طرد إسرائيل، متجها إلى الحوار السلمي، وإلى تطبيق القرارات الدولية، لكن حزب الله يرى غير ذلك، وأنه مؤهل لمواجهة إسرائيل، مع أن كل حروبه السابقة كانت هزائم موجعة، ما عرض لبنان للخطر.
* *
لكن ما يلفت النظر منذ الضربة الإسرائيلية الأخيرة صمت صواريخ الحزب، وتوقف إطلاق مسيّراته، مع استمرار إسرائيل في ضرباتها لتجريد الحزب من مصادر قوته، وذلك بقتل قياداته وعناصره، والقضاء على ما يمتلكه من سلاح، وهذا يحتاج إلى تفسير من حسن نصر الله، الذي لم يعد لديه ما يقوله عن الحالة البائسة التي يمر بها وحزبه أمام عدو إرهابي لا يرحم.