يحيى جابر
تطور الإعلام بشكل متسارع، وكذلك صناعة المحتوى ففي عام 1996 وُلد مصطلح «تسويق المحتوى»، وجاء المصطلح خلال نقاش بين الصحفيين في الجمعية الأمريكية لمحرري الصحف، ويعود الفضل لـ John F Oppedahl في صياغة العبارة التي أصبحت الآن جزءًا من مفردات المسوّقين والمساهمين في صناعة المحتوى الإعلامي حتى بات مصطلحا متداولا بشكل واسع، وبعد ثورة الإعلام الجديد والسوشا ميديا أو صحافة المواطن التي تشير إلى أن المواطن أصبح يمتلك جهاز هاتف يستطيع من خلاله صناعة محتوى وتوزيعه عبر وسائل التطبيقات الجديدة التي لا تخضع للرقابة والتدقيق وما يسمى بحارس البوابة أوالرقيب قبل النشر، أصبح صناعة المحتوى هاما للغاية لسرعة وصوله للمتلقي وتأثيره في عقلية وثقافة المستقبل للرسائل الإعلامية، ومن بينها تلك رسائل التطبيقات الاجتماعية التي لا تخضع لرقابة، وهددت وسائل التواصل الجماهيري التقليدية من خلال جودة البث وسرعته وتعدده وتفضيل عدد كبير من المتلقين الاهتمام به، أيضاً أصبح صناعة المحتوى مفيدا وضارا وخطيرا في بعض الأحيان، ونسبة التضليل تبقى عالية لكون هذه التطبيقات لا تخضع للتدقيق والرقابة قبل النشر، وهذه التطبيقات التي أشير إليها أقصد بها، إكس، والسناب شات، والتيك توك ولتلغرام والفيس بوك، والانستغرام، وغيرها من التطبيقات السوشا ميديا، يضاف لهذه التطبيقات الفضائيات التي تخضع لرقابة، ولكنه يتم توجيهها لصناعة محتوى مؤطر وله هدف وخطة للوصول لعقل المتلقي وإقناعه برسائل محددة.
وقد أجريت عدد من الدراسات التي تبحث أطر التحفيز الإعلامي لبعض القنوات والتي تبث محتوى محددا يستهدف تضليل العقل اللاواعي تستخدم فيها الجوانب التقنية في هذا الاتجاه.
فقد خلصت دراسة الدكتورة بقسم الإعلام بكلية الآداب- الجامعة المنصورة هالة الألفي فوزي إلى ضرورة زيادة ارتفاع التربية، التي تعد السبيل المثالي لظاهرة التحريض الإعلامي، فالجمهور إذا اتسم بالوعي لن يمكن خداعة، وكذلك تجب تربية الجمهور ليكون قادراً على التصديق على صدق المعلومات والأخبار المقدمة إليه.
وقد استهدف البحث والدراسة أطر التحفيز الإعلامي التي يتم الاعتماد عليها في الصفحات الرسمية التابعة لقناتي الشرق ومكملين على موقع تويتر حول المشاكل المجتمعية، إلى دراسة جانب التقنيات والآليات المختلفة، واستمالات التي يتم توظيفها عن طريق تلك الصفحات التي تساعد في التحفيز، بما في ذلك المساهمة في تقديم المساعدة في الحد من المضامين التحريضية التي تشمل الحكومة المصرية وقيادتها، وانتمت الدراسة الحالية إلى الدراسات الوصفية، بالاعتماد على منهج المسح، وباستخدام استمارة تحليل المضمون، وتم تحليل إبداعية مكونة من (1243) وحدها، بواقع (1091) وحدها من الصفحة الرسمية لقناة مكملين على تويتر، في حين بلغ عدد التغريدات التي حُسبت من خلال الصفحة الرسمية لقناة الشرق على تويتر (152) . وتوصلت الدراسة إلى عدد من النتائج، من الواضح، وجود تنوع في أسباب المشاكل التي يتم التركيز عليها في الصفحة الرسمية لقناتي الشرق ومكملين على تويتر، وعدم وجود أسباب اقتصادية واقتصادية لعدة مرات متعددة.
بما في ذلك الأطر التي يُعتمَد عليها متنوعة، إلا أن الإطار الأخلاقي وإطار الصراع كان في دعم الأطر، أما عن أهداف التأطير فقد جاءت في تقديمها لتوجيه النقد، والإعلام والإخبار، فيما يتعلق باستراتيجيات التأطير المستخدمة في عرض مواضيع المجتمع، وقد استخدم تنوعها، ولم تتألق. الباحثات تمثلن في تحويل التركيز إلى قضايا أخرى، والفرز والتقسيم، والتحدي والمواجهة.
لذلك هناك تنوع في التقنيات المستخدمة في التأطير، غير أن أكثرها نشأة من التشويه والشيطنة، والأحكام المسبقة.
وومما سبق يظهر أن التضليل الإعلامي يشمل صناعة المحتوى في هذه المواقع بهدف سياسي وغايات سياسية ليس لها علاقة بالواقع وربما تستخدم بعض القضايا الطارئة لتضخيمها وتفعيلها وقولبتها ثم تقديمها كوجبة ساخنة شهية لمتلق لا يعي مدى خطورة الرسالة الخطيرة التي تهدف لخلق شرخ وأزمة، وليس المصلحة العامة.
وفي بحث علمي آخر اتسم بتسليط الضوء على جوانب الذكاء الاصطناعي في تطوير المحتوى الإعلامي فقد ركز البحث على عوامل هامة وخلص الأستاذ المشارك بكلية الاتصال والإعلام - جامعة الملك عبد العزيز الدكتور محمد مساوي «بالتعرف على الدور الذي تقوم به تطبيقات الذكاء الصناعية في تطوير المحتوى الإعلامي من وجهة نظر صناعة الخبراء في مجال المحتوى الإعلامي بدراسة وصفية استخدمت منهج المسح، وأداة الاستبيان بالتطبيق على الجينات الممارسين، كما محددة الدراسة على النموذج الدائم الشامل لقبول التكنولوجيا النووي، وأبرزت الدراسة في أهم النتائج وجود علاقة ارتباط ذات دلالة إحصائية بين مدى استخدام المؤسسة لتطبيقات الذكاء الاصطناعية ومدى جاهزية المؤسسات الإعلامية السعودية لتطبيقات الذكاء الصناعية المدمجة في صناعة المحتوى الإعلامي، مع وجود علاقة ارتباط ذات دلالة إحصائية بين تقييم البحوثيين لوضع استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تطوير المنتج الإعلامي والفوائد تستفيد منها من ابتكار تطبيقات الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الإعلامي.»
وهو ما يشير إلى التطور القادم لاستخدام المؤسسات الصحفية لصناعة المحتوى وتطويره من خلال الذكاء الاصطناعي ووجود علاقة بين البحوثيين لوضع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تطوير المنتج الإعلامي من خلال ابتكارات واسعة وحديثة لزيادة السرعة وتقديم خدمة مواكبة للتطوير الكبير في تطبيقات التواصل وصناعة المحتوى.
إن صناعة المحتوى في الإعلام وغير الإعلام له أثر كبير سلبي من خلال التضليل وخلق الصراعات والخلافات، والجيد من خلال قول الحقيقة ونقل المعارف والمعلومات السليمة وتقوية النسيج المجتمعي، وخطير للأمن القومي للدول، ولعلنا نتذكر الاستخدام الخطير وغير السليم لصناعة المحتوى فيما يسمى بالثورات العربية البائسة، فقد تم صناعة محتوى مضلل عبر قنوات رسمية للتواصل الجماهيري، وكذلك صناعة المحتوى عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، من خلال بث صور وفيديوهات ومعلومات مضللة في وقت حرج وصعب مما أجج العامة غير الواعية لمخاطر التضليل والتأطير الإعلامي وفي صناعة المحتوى.
ومع مرور السنوات أصبحنا ندرك الفوائد السليمة والخطيرة والسيئة لصناعة المحتوى في الإعلام الرسمي وفي التطبيقات السوشا ميديا، ونما الوعي، للمواطن السعودي وكذلك المواطن العربي، بل إنني أجزم أن المواطن السعودي يعتبر اكثر المواطنين العرب إدراكا لمخاطر صناعة المحتوى والتضليل الإعلامي من خلال ما نشاهده من تعليقات واعية على كل من يحاول يسيء لوطنه الحصن الحصين المنيع من كل صانع محتوى كاذب.
**
- باحث دكتوراه صحافة وإعلام