د. محمد عبدالله الخازم
الطب البيطري يعني بالثروة الحيوانية، يستهدف تنميتها وحمايتها من الأمراض الوافدة والمتوطنة، إضافة إلى الحفاظ على صحة الإنسان من الأمراض المشتركة بينه وبين الحيوان، وكذلك توفير غذاء آمن وصحي للمستهلك وتحقيق مبدأ الرفق بالحيوان، وقد تأسست أول كلية الطب البيطري عام 1975م.
«تؤدي وزارة البيئة والمياه والزراعة دورًا رئيسًا في دعم الطب البيطري، من خلال إنشاء العيادات، والمختبرات، والمحاجر البيطرية، للكشف والتشخيص وعلاج الحيوانات والتصدي للأمراض ومكافحتها ومنع دخولها إلى المملكة، وكذلك التأكد من الصحة العامة وسلامة الغذاء داخل المسالخ والعيادات والصيدليات البيطرية الخاصة ومشروعات الألبان، وتسمين الحيوانات، ومشروعات الدواجن، وشركات الأدوية ومركز اللقاحات والأمصال».
رغم ذلك، نرى بأن الخدمات في هذا المجال تقليدية ولا تواكب التطورات الحديثة التي تعيشها المملكة في مجال صحة الحيوان - كرؤية من خارج الصندوق - ونستشهد بمثالين في هذا الشأن. المملكة ضمن أكثر الدول اهتماما بالإبل والخيول وتعقد فيها مسابقات دائمة وبارزة عالمياً، لكن لو سألنا كم مستشفى بيطريا ضخما في المملكة للتعامل مع هذه الحيوانات وقاية وعلاجاً وتأهيلاً، سنجد أنها لا توجد/ ليست في مستوى الطموح ونلجأ لدول أخرى للحصول على هذه الخدمة، أحياناً. انتشرت ظاهرة الاهتمام بالحيوانات الأليفة وتربيتها في المنازل، ومعها انتشرت العيادات ومحلات العناية بها بشكل مهول في كافة أرجاء المملكة، لكن لو بحثت عن العاملين المواطنين فيها فلن تجدهم رغم التكاليف والدخل العالي الذي تحققه..
يوجد لدينا كليتان فقط في تخصص الطب البيطري في كل من الأحساء والقصيم، ذات مخرجات تقليدية تعنى بتخريج موظفين وليس تحقيق احتياجات السوق بصفة عامة. لا أفهم لماذ قررت وزارة التعليم والجامعات بأن الطب البيطري هامشي ولا يستحق الاهتمام التوسع فيه. تتوقع بأنه تم التفكير في تأسيس كلية طب بيطري في جازان بعد مشكلة الوادي المتصدع التي حدثت قبل سنوات وفتكت بألاف الماشية، لكن ذلك لم يحدث. تتوقع أن تجد مستشفى بيطريا أكاديميا عالميا لعلاج الإبل والخيل قريب من مواقع المنافسات ونادي الإبل ومضامير السباق وشركات الألبان والزراعة، لكننا نفتقد ذلك. إلخ.
مع انتشار تربية الحيوانات الأليفة تتوقع أن تكتمل منظومة العناية بها بتبني تقديم برامج جامعية ودبلومات للعناية بها في أغلب المدن الكبرى، لكن ذلك لا يحدث. لا أحد يبادر، لا وزارة الزراعة بحكم التخصص ولا وزارة التنمية البشرية المعنية بتوفير فرص وظيفية وسعودة سوق العمل ولا نادي الإبل أو الفروسية لتكتمل منظومتهما العالمية ولا الجامعات التي ربما تعيش على دراسات قبل خمسين عاماً..
إذاً.. رسالتنا اليوم هي الدعوة إلى التوسع في برامج تعليم وتدريب في مجال رعاية وصحة الحيوان، بكافة مستوياتها (الإبل، الماشية، الحيوانات الأليفة، إلخ). مثلاً نحتاج كلية/ برنامج رعاية حيوان (طب بيطري) بأحد الجامعات الجنوبية/ الغربية (مثلاً، جازان أو الباحة) وثانية في الوسط (الخرج أو المجمعة، مثلاً) وثالثة في الشمال (الجوف أو الحدود الشمالية، مثلاً) وغيرها، بهويات تناسب مع كل منطقة، وضمن أدوارها يكون تأسيس مستشفيات/ عيادات أكاديمية بيطرية. نطالب كليات التقنية والكليات التطبيقية في الجامعات والكليات الأهلية بتقديم برامج قصيرة وطويلة ذات علاقة بالعناية والرعاية في مختلف مستوياتها للحيوانات بأنواعها وبالذات الأليفة أو المنزلية.
وحتماً، نحتاج دعمها من قبل قطاعات الزراعة، الثروة الحيوانية، التنمية البشرية، التجارة، الجهات الغير ربحية والجهات الأخرى ذات العلاقة/ الاهتمام كأندية الفروسية والإبل وارامكو، وغيرها. الهدف النهائي هو تطوير الخدمات المتعلقة برعاية والعناية بالحيوان في كافة جوانبه عبر سعودة هذا القطاع المزدهر..