م. بدر بن ناصر الحمدان
يقول «غاستون باشلار» في كتابه عن (جماليات المكان): «إن الصورة السلبية لا تكاد تظهر ولكنها على الرغم من ذلك تكون مؤثِّرة، إنها تعبِّر عن عزلة الإنسان المنطوي على نفسه»، ويقول في موضع آخر «إننا لا نملك الوقت لحب الأشياء ومعاينتها عن قرب، لذا يجب علينا أن نأخذ كل ما نحتاج إليه من وقت حتى نرى الأشياء الصغيرة التي لا يمكننا مشاهدتها دفعة واحدة»، ويستشهد برواية «ماليكروا» لهنري بوسكر التي يقول فيها: «إن الأصوات تمنح لوناً للفراغ».
التفاصيل الصغيرة هي أهم مكونات المكان، وهي التي تمنحه جمالية لا حدود لها، ويبقى مدى قدرتنا على التعرّف عليها، وتقديرنا لقيمتها ودورها في تشكيل نسق القيم الإنسانية، وتعزيز قدرة الإنسان على إدراك المكان والتفاعل معه.
يمكنك أن تستمد طاقتك الإيجابية من تأمل تلك التفاصيل والتمعّن بالأشياء التي تمر بها، تعمد أن تسلك طرقاً مختلفة تنبعث منها الحياة، حتى لو طالت مسافتها، وزاد زمنها، الأهم أن تحصل على جرعة جمال تمنحك بداية يوم جميل.
اعتنوا بذائقتكم، وتفقدوا تلك الطرق التي تمرون بها كل يوم، اسلكوا منافذ تشعركم بالحياة، والتقوا بوجوه تصنع يومكم، ابحثوا عن أولئك الذين ينشرون الأمل ولو بمجرد عيونهم، تجاهلوا كل ما يخدش صفاء أذهانكم، لا تهملوا تفاصيل الأماكن التي ترافقكم بالجوار وأنتم ذاهبون إلى العمل.
أنتم بحاجة إلى كل ما يبعث بداخلكم شيئاً من التفاؤل حتى لو كان مبنى أو طريقا أو حتى مساحة فارغة، الحياة أقصر من أن تضيع بين ردهات لا معنى لها، فتشوا عن الجمال أينما كنتم، وأينما كان.