عبد العزيز الهدلق
صدمة كبيرة تعرض لها الشارع الرياضي السعودي بعد مباراة منتخبنا الوطني أمام المنتخب الأندونيسي والتي انتهت بالتعادل (1/1)، وأقيمت في جدة في إطار التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم.
فالمنتخب الأندونيسي كان يهزمه الأخضر على مدى تاريخ المواجهات بالأربعة والخمسة وأكثر من ذلك. واليوم وعلى أرض منتخبنا وبين جماهيره يتم إحراجه من قبل المنتخب الأندونيسي الذي تفوق في الأداء وكان البادئ في التقدم والتسجيل.
ما حدث للمنتخب ليس سوء طالع، أو كبوة عارضة، بل هو بداية تراجع. وقد رآه كل من يفهم كرة القدم، ويدرك أسباب نجاحها وعوامل فشلها.
قد يعود منتخبنا في مباراة ويفوز ولكنه لا يملك مقومات الاستمرارية لأنه يعاني من تراكم أخطاء مباشرة، وأخطاء وكوارث محيطة ومؤثرة.
فالمنتخب اليوم هو ضحية سياسات غير سليمة وقرارات خاطئة لاتحاد الكرة والتي كان ظاهرها التطوير وباطنها التدمير.
فاتحاد الكرة ومنذ عدة سنوات يرفع عدد اللاعبين الأجانب في الأندية إلى أن وصلت هذا الموسم عشرة لاعبين منهم اثنان مواليد (2003). هذا القرار أشبه بالكوليسترول في الشرايين كلما زاد ضيق مجرى الدم. فقد ضيق قرار رفع عدد اللاعبين تدفق المواهب السعودية. وضيق الفرصة أمامهم لتمثيل فرقهم على المستوى الأول. وبالتالي ضاقت الفرصة أمام مدرب المنتخب لاختيار العناصر التي تساعده على تنفيذ خططه ورؤاه، وتحقق طموحات كل محب للكرة السعودية.
فلم يعد أمام مدرب الأخضر سوى (54) لاعباً من أندية روشن ليختار بينهم الأفضل للمنتخب.! وكثير منهم في مراكز متماثلة مما أوجد لديه عجزا واضحا في بعض المراكز. فلا يوجد لاعب محور متمكن، ولا هداف متميز. فاضطر المدرب مجبراً لاختيار لاعبين يسدون الفراغ فقط. والمستقبل أسوأ. فاللاعبون المتميزون اليوم أمثال سالم الدوسري وسعود عبدالحميد وعلي البليهي وحسان تمبكتي لا يوجد لهم بدلاء. وسوف تظهر مشكلة كبيرة أمام المدرب عند غياب أحدهم بالإصابة أو اعتزل.
لقد طغت الرغبة لدى اتحاد الكرة بصنع دوري قوي ومثير على صنع كرة قدم محلية قوية ومتطورة وهو دوره الأساس.
كما أن اتحاد الكرة بقرار خفض قوائم الأندية إلى (25) لاعب قد ساهم بتشتيت كثير من المواهب الصاعدة لدى بعض الأندية التي كانت تحظى بالرعاية في أندية ذات إمكانات عالية توفر لها أجواء تدريبية متطورة مع مدربين عالميين، ويخضعون لأنظمة احتراف حقيقية ودقيقة، ويشاركون في التدريبات مع نجوم عالميين يحتكون بهم يومياً ويتعايشون معهم عن قرب. ويستمعون لتوجيهاتهم. ويتطلعون في يوم من الأيام أن يلعبوا إلى جانبهم، ويكونون أمثالهم مستقبلاً. ولكن الأندية بهذا القرار حطمت طموحات أولئك الصغار الذين وجدوا أنفسهم مشتتين بين أندية صغيرة لا تملك البيئات الفنية والإدارية التي خرجوا منها. وتحطمت أحلامهم وتبخرت أمالهم.
لقد أصبحت الأندية اليوم تزهد في بالاستثمار في اللاعب السعودي الناشئ، فالأجنبي الجاهز أسرع حضوراً وتمثيلاً وأقل تكلفة مالية.
وأكثر ما يؤسف له أن قرارات اتحاد الكرة فيما يخص رفع عدد اللاعبين الأجانب وخفض القوائم أنها قرارات لم تتخذ وفق دراسات علمية و رؤى فنية متخصصة وسليمة، ولكنها قرارات اتخذها أهل الإدارة، وليس الفنيون من أهل اللعبة، واتخذوها بطريقة المحاولة والخطأ.
وهذه الطريقة مدمرة للحاضر والمستقبل. فكان يجب أن اشراك الفنيين من مدربين أجانب ومحليين ومسؤولين في أندية ولاعبين سابقين من ذوي الخبرة والتجربة في اتخاذ تلك القرارات قبل إقرارها و إشهارها وتطبيقها.
فاليوم هاهو مدرب المنتخب يشتكي من أن العناصر التي معه جاءت من مقاعد البدلاء، نظراً لاحتلال اللاعبين الأجانب كل المراكز في الأندية.
أكثر ما نخشاه أن نصل مع اتحاد الكرة إلى نقطة نوقن معها أن فاقد الشيء لا يعطيه، وأن ليس بالإمكان أفضل مما كان. ولكن اليوم لدينا أمل باتخاذ قرارات تصحيحية. تعيد الأمور إلى مجاريها. بخفض عدد اللاعبين الأجانب بما لا يقل عن اثنين، والموسم الذي يليه خفض آخر بلاعبين اثنين. ثم إعادة قائمة الفرق لما كانت عليه، فالمنتخبات بكل فئاتها ودرجاتها لا يدعمها إلا الأندية الكبرى. والتضييق على هذه الأندية بخفض القوائم يضر المنتخبات في المقام الأول. فالأندية لا ضرر عليها لأنها مدعومة بالأجانب.
كما أن الأندية في ظل قرار خفض القوائم سوف تتراجع عن خططها وبرامجها الداعمة للفئات السنية سواء باستقطاب مدربين أكفاء أو إنشاء أكاديميات، لأن مخرجاتها سوف تذهب في النهاية خارج النادي، وستعيد النظر في النفقات التي تعتبر إهدار لموارد النادي.
أما برنامج احتراف اللاعب السعودي في الخارج فإنه من حيث المبدأ جيد، ولكن تطبيقه من خلال لاعبين تجاوزوا (20-25) عام غير مفيد، فهو يعني انتزاع لاعبين أساسيين من فرقهم وركنهم عل ى مقاعد البدلاء في الفرق الخارجية. فالاحتراف الخارجي لا يفيد إلا لاعبين دون (20) عاماً فقط.
والملاحظ في الآونة الأخيرة تعدد الجهات المشرفة على قطاع كرة القدم المحلية. الذي هو في الأساس من اختصاص اتحاد الكرة، ولكن الآن نرى وزارة الرياضة لها دور من خلال برنامج الاستقطاب، ورابطة دوري المحترفين لها دور من خلال برنامج الاستقطاب وبرنامج احتراف اللاعب السعودي خارجياً. وتعدد الجهات المشرفة يعني تعدد القرارات، إن لم يكن تضاربها، وكذلك عدم تحمل جهة الاختصاص مسؤولية نتائج القرارات المتخذة والسياسات المتبعة، وتخلي كل طرف عن مسؤولية النتائج لو جاءت سلبية أو معاكسة.
فمثلاً برنامج الاستقطاب غير واضح المعالم. وغير واضح مقدار الدعم الذي تتلقاه الأندية مما صنع احتقانا بين جماهير الأندية و نشوء ظنون بوجود محاباة لهذا النادي أو ذاك. وكذلك برنامج الاحتراف الخارجي الذي بدأ العمل به، دون معرفة الجهة التي تتبع له، فكل جهة تدعي بأنها غير مسؤولة عنه. فرئيس الاتحاد قال في تصريح صحفي أنهم وافقوا على احتراف لاعبيهم فيصل الغامدي ومروان الصحفي في نادي بيركشوت البلجيكي وتم دعمهم مقابل ذلك!! فمن هي الجهة التي دعمت الاتحاد!؟ لأن معرفتها يعني معرفة الجهة التي ينتمي لها برنامج الاحتراف الخارجي الذي لازال سرياً للغاية.
زوايا..
** أصيب متعب الحربي وتم تشخيص إصابته واحتياجه للراحة مع برنامج علاجي. ولكن مانشيني أصر على اصطحابه إلى الصين ضمن بعثة المنتخب!!
** وجود إدارة فنية أو فريق فني استشاري باتحاد الكرة يضم خبرات محلية وعالمية للاسترشاد بآرائهم مهم جداً لدعم القرار.
** مصلحة المنتخب الوطني تتناسب عكسياً مع عدد الأجانب في الدوري.
** أزمة ملعب الجوهرة بين الأهلي والاتحاد كشفت عدم احترافية العمل في رابطة دوري المحترفين وكذلك في النادي الأهلي. ولكن الرابطة تتحمل الجزء الأكبر من الخطأ. مثل هذه الأخطاء تؤكد أن رابطة دوري المحترفين ينقصها الكثير من الكفاءات، ولا يمكن نسيان أخطاء الموسم الماضي من تأجيل مباريات، وتحريك جولات عن مواعيدها المعلنة. وكذلك جدولة مباريات أثناء أوقات الصلوات.