هادي بن شرجاب المحامض
تحت القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رئيس مجلس الوزراء - قطعت المديرية العامة للسجون خطوات كبيرة في مواكبة رؤية المملكة 2030 حيث أصبحت نموذجاً يحتذى به عالمياً في مجال الإصلاح والتأهيل. لقد شاهدتُ بنفسي كيف تحولت السجون في المملكة من مجرد أماكن احتجاز إلى بيئات إصلاحية حقيقية تهدف إلى إعادة بناء حياة النزلاء على أسس صحية، وتعليمية، واجتماعية، ونفسية.
ما يميز المديرية العامة للسجون في المملكة هو التزامها العميق بتطوير برامج إصلاحية مبتكرة تنظر للسجين كإنسان يحتاج إلى دعم ورعاية، وليس مجرد مُخطئ. فقد عملت المديرية على تأهيل النزلاء منذ لحظة دخولهم السجن وحتى ما بعد الإفراج عنهم، بهدف تهيئتهم لحياة طبيعية، وتحقيق الاندماج الكامل في المجتمع. وقد لمستُ شخصياً الجهود الجبارة المبذولة لتحويل السجون إلى مراكز تأهيلية تتبنى برامج شاملة ومتكاملة.
أحد أكثر الأمور التي أبهرتني هو إنشاء مراكز تأهيلية متخصصة تُعد اليوم من أفضل النماذج العالمية في هذا المجال، ومنها:
1 - مركز إشراقة: هذا المركز يقدم دعماً شاملاً للنزلاء المدمنين على المخدرات، من خلال برامج علاجية ونفسية واجتماعية مبتكرة، بالإضافة إلى الإرشاد الديني والمهني. رأيت كيف يساعد هذا المركز النزلاء على التعافي ويعيد بناء شخصياتهم ليصبحوا قادرين على العودة إلى المجتمع بحيوية وثقة.
2 - مركز فجر التأهيلي: يُعد هذا المركز تجربة فريدة تستهدف النزلاء أصحاب القضايا البسيطة والسابقة الأولى، حيث يُقدم لهم برامج تركز على تقليل الآثار النفسية والاجتماعية للسجن، ويعزز من صلتهم بالمحيط الخارجي. البرامج هنا ترتكز على أسس علمية رائدة تهدف إلى تجاوز صدمة السجن بطريقة فعالة.
3 - مركز ثقة: من المراكز التي تستحق الإشادة، حيث يُعنى بإعادة تأهيل النزلاء الذين تبقى على محكومياتهم سنة أو أقل، ويُعدّهم للاندماج في المجتمع من جديد. رأيتُ كيف تعمل هذه البرامج على تعزيز ثقة النزلاء بأنفسهم وتساعدهم على بدء حياة جديدة مليئة بالأمل والإيجابية.
إن ما يميز سجون المملكة هو توفير فرص حقيقية للنزلاء لمواصلة تعليمهم وتطوير مهاراتهم. المديرية لا تكتفي بتوفير البيئة الآمنة، بل توفر أيضًا فصولًا دراسية ودورات تدريبية متقدمة تساعد النزلاء على اكتساب مهارات جديدة تؤهلهم لسوق العمل. هذه الجهود الشاملة تجعل من السجين إنسانًا قادرًا على بناء مستقبل أفضل، بعيدًا عن أخطاء الماضي.
من المبادرات التي لمستُ أثرها الإيجابي العميق، هي البرامج التي تعزز الروابط الأسرية، مثل تنظيم رحلات لأداء مناسك الحج والعمرة وزيارة المدينة المنورة للنزلاء وعائلاتهم. هذه المبادرات ليست مجرد أنشطة، بل هي جزء من فلسفة إصلاحية شاملة تؤمن بأن النزيل يحتاج إلى الدعم الأسري والاجتماعي ليتمكن من الاندماج من جديد في حياته بعد الإفراج.
السجون السعودية لم تعد مجرد أماكن احتجاز، بل أصبحت مؤسسات إصلاحية متكاملة تحظى بإشادة واسعة من قبل منظمات دولية معنية بحقوق الإنسان وإعادة التأهيل. ما أراه هو نموذج فريد يعتمد على أفضل الممارسات العالمية ويضع المملكة في طليعة الدول التي تبنت نهجاً إنسانياً وشاملاً في التعامل مع السجناء، بما يعكس رؤية المملكة في بناء مجتمع أكثر عدلاً وتماسكاً.
بكل فخر، يمكنني القول إن السجون السعودية هي أكثر من مجرد مؤسسات إصلاحية؛ إنها مدارس للحياة وفرص جديدة لأبناء الوطن الذين ضلوا الطريق، ليعودوا إليه بارين به ومساهمين في نهضته.