محمد سليمان العنقري
أهم ما يميز اي ادارة تتولى مشروعاً او جهازاً تنفيذياً او منشأة قدرتها على تحقيق مستهدفات الخطط التي تعمل عليها بالوقت المناسب وكفاءة ادارة الاستثمارات التي ضختها وتحقيق العائد المجزي مع الالتزام بالشفافية والافصاح المستمر واتخاذ القرارات بوقتها المناسب عندما تظهر أي تحولات او ظروف من داخل او خارج تلك الجهة بما يضمن التقليل من الأضرار أو تحويل التحديات لفرص، أما إذا كان التبرير لعدم التمكن من تحقيق النتيجة المرجوة من العمل هو أول ما يصدر عن أي إدارة أو القيام بتحول مفاجئ في الأهداف او الخطط، فإن ذلك قد يرحل المشكلة لفترة قادمة، لكن لا يحلها اضافة لخسارة الوقت والجهد والمال وإضعاف ثقة المستثمر بها.
وهناك امثلة كثيرة حول الادارات الواقعية التي تجيد تحقيق الأهداف والتغلب على الظروف أو تقليل ضررها ويقابلها إدارات لا يسمع منها الا التبرير في أول مراحل التعليق على عدم تحقيقها لنتائج تتماشى مع خططها ومستهدفاتها التي أعلنت عنها عند توليها ادارة المنشأة، ولعل عالم أسواق المال مليئة بمثل تلك النماذج؛ فهناك شركات كانت تحقق أرباحا ممتازة وتتوسع بنشاطها وعندما تغيرت ادارتها لأي سبب مثل تغيير في الملاك الرئيسيين من عديمي الخبرة في النشاط او تدخل كبار الملاك الحاليين بقصد فرض نموذج عمل يرونه أفضل، لكن بعد ان تولوا قيادة الشركة اتضح ان خططهم بعيدة عن الواقع وأن النتائج كانت سلبية وتحولت الشركةإاما للخسائر او للتراجع الحاد في هوامش الربح، إضافة الى اتخاذ بعض الشركات لقرارات متناقضة بفترة قياسية من الزمن فمنهم من يعلن عن خطط لشطب خسائر رأس مال الشركة، ويوضح الاسباب وينخفض سعر السهم بشكل حاد بعد اعلان تلك التوصيات؛ لأن الخبر سلبي بطبيعته، ولكن بعد فترة زمنية قليلة تفاجئ ادارة الشركة السوق بأنها عدلت توصيتها وألغت خططها لمعالجة هيكلها المالي الهش وأنها بصدد الانتقال لخطة مختلفة تقوم على إلغاء التوصيات السابقة، والاتجاه لعمل مختلف، فما الذي تغير في فترة لا تتعدى شهورا بسيطة لكي تتغير كل تلك المعطيات، ولماذا لم يتم التوجه للخطة الجديدة من البداية؟
فحقيقةً مثل هذه القرارات لها تاثير سلبي على ثقة المستثمر بمثل هذه الشركات وفي حال احتاجت مستقبلا لأي عمليات تمويل من قبل المستثمرين عبر طرح أسهم حقوق اولوية، فقد لا تلقى قبولاً منهم وتتحول الشركة لسهم مضاربة مهما كان نشاطها حيوياً وذات الأمر ينطبق على الشركات التي تضيف أنشطة بعيدة تماماً عن نشاطاتها الاساسية التي يفترض ان يكون توسعها ضمن نطاق تلك الاعمال فمثلاً تجد شركة تعمل في مجال الخدمات تضيف نشاطا صناعيا متخصصا جداً يحتاج لخبرات كبيرة وإنفاق راسمالي ضخم؛ ففي مثل هذه الحالات تكون احتمالية الوقوع بالخسائر مرتفعة لغياب الخبرة وصعوبة اقتحام نشاط جديد، وفي حال تحقيق نتائج سلبية فإن العذر جاهز تحت عنوان من كلمات محدودة في عددها مثل « ظروف السوق لم تساعدنا على الوصول لهدفنا وسنتخذ القرارات المناسبة» لكن هذا السطر البسيط هو غطاء لخسائر بعشرات او مئات الملايين؛ فالتجريب في عالم الاستثمار تعد سياسة فاشلة لم تحقق نجاحا في أي دولة بالعالم بل مزيد من الخسائر لتلك الشركات.
في أسواق المال نماذج لشركات ناجحة، وهناك شركات بتغييرات ادارية وخطط عقيمة تستحدثها أو عدم وضوح في رؤيتها أو احتكار القرار فعلياً من أطراف مؤثرة بداخل الشركة، وعددها قليل يؤدي لظهور نماذج من الشركات الفاشلة التي وان كانت حالات استثنائية لكنها تترك انطباعا سلييا بالسوق وتاثيرا على معنويات المستثمرين، وهنا لابد من تذكير المساهمين بدورهم في الجمعيات العمومية بالاعتراض على طريقة ادارة تلك الشركات وتقييم المجلس المسؤول عنها، وكذلك الادارة التنفيذية والعمل على احداث التغيير بقوة النظام الذي من شأنه أن يعيدهم للطريق الصحيح ويوقف الهدر فيها، وصرف رواتب عالية ومكافآت لادارات فاشلة!