عثمان بن حمد أباالخيل
نكذب على أنفسنا ونقول زلة لسان، اللسان لا يزل، إنه يعبر عمّا في داخل الإنسان، اللسان عضو عضلي يلعب دورًا أساسيًا في التذوق، ومضغ الطعام وبلعه، فضلًا عن دوره في التحدث. والتحدث في البوح عما نكنه للطرف الآخر وحين نسوء في التعبير نقول زلة لسان، إنها ليست زلة، بل رصاصة اخترقت القفص الصدري وأدمت القلب. اللسان ليس له عظام لكنه يقتل، الكلمة ليست مجرد موجات صوتية نطلقها، إنها تخاطب الآخر أما تكون رصاصة طائشة تخترق القلوب أو بلسما يشفي الجروح، كذلك تكون جارحة تؤثر بالنفس، أو كلمة طيبة لطيفة تطيب النفس وتحييها. في داخلي كلمات مخزنة في الذاكرة تؤلمني ليتها كانت كلمات طيبة تنعش قلبي حين تضيق الدنيا في عيني. هناك من ينسي أو يتناسى أن الكلمة تنطلق من أفواهنا أحياناً تقتل كما تقتل الرصاصة المنطلقة من فوهة مسدس، إنها دعوة من إنسان مصاب بقلبه فكروا قبل أن تتحدثوا مع الآخرين وانتقوا الكلمات التي تسر وتفرح. لدي قناعة وأجزم أنها عند الكثير من الناس أن الكلمة مثل الرصاصة إذا نطقت بها، إما تفرح أو تقتل متلقيها. ومن الأحاديث النبوية التي تحثنا على كبح ما في داخلنا، ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أوْ لِيصْمُتْ).
ما أصعب الرصاصة التي تصيبك من أقرب الناس إليك ربما تكون زوجتك، أو أخيك، أو ابنك، أو ابنتك أو من الأقارب، أتساءل لماذا البعض من هم في دائرة علاقاتك يدسون السم في كلماتهم بدون تفكير أو شعور بالذنب ويطلقونها نحو قلوب مرهفة تؤلمها القسوة، أليس الأجمل أن ينتقوا كلماتهم التي يحرصون على أن تكون شفافة وصادقة تنبض بالعفوية والأمل قادرة على أن تحلق بالآخر فوق السحاب حيث الراحة النفسية. لا ينبغي أبداً أن نخاطب أبناءنا الذكور والإناث بكلمات قاسية أنها تخزن في الذاكرة ويحللوها حينها يدركون مدي القسوة. يا للأسف هناك بعض المعلمين والمعلمات يوبخون التلامذة ويصفونهم بالفشل أو الغباء أنهم يبذرون حبوب التعاسة في النفوس الطيبة. من تجارب الحياة الكلام الطيب مفتاحًا للقلوب، يُسهل التواصل ويُعزز الروابط الاجتماعية بدلاً من تباعد الروابط الاجتماعية التي اخذت منحي الهجر بسبب تلك الكلمات المغلفة برائحة الرصاص. هناك من ينسي أن عظيم الكلمة الطيبة وأثرها واستمرار خيرها فهي تتمر عملاً صالحا كالشجرة التي تتمر تمراً نافعاً، والعكس صحيح الكلمة القاسية وقعها كبير وألمها يدوم ما دام القلب ينبض بالحياة. وصدق الإمام الشافعي حين قال من قصيدة:
(اِحفَظ لِسانَكَ أَيُّها الإِنسانُ
لا يَلدَغَنَّكَ إِنَّهُ ثُعبانُ).
همسة:
الكلمة الطيبة تساوي الكثير حين تخرج من القلب السليم.