منال الحصيني
ما يصعد يجب أن يهبط، كم هائل من السلوكيات الذاتية الموجهة للنفس يمتد تأثيرها مؤلماً للجسد، وكميةً من المشاعر المتراكمة توشك على الانفجار، مراراً ما كانت تقودك بعقلانية لتحريرها ولكنها باءت بالفشل.
نوايا إيجابية تمر بجانبها ملقياً التحية عليها متى ستطرق بابها؟
مشوار الألف ميل يرتقب خطوتك الأولى.
دع عنك التنظير في شؤون الآخرين فلست عليهم بمسيطر، عليك بنفسك.
ما أعنيه أن ترأف بها وتسلك مسالك الراحة والسلام، فالكل يعمل وينجب ويربي، ولكن القلة من يتقن معادلة (الفعل وردة الفعل).
كسُنن كونية مبدأ «العطاء» يقابله «الأخذ»..
في جميع جوانب الحياة ابتداء بالدين وانتهاء بالمرح..
فكيف لنا كبشر أن نُلغي ذلك ربما بغير قصد ونتجاهل ردة فعل مؤلمة نحملها معنا بين حنايانا زعماً منا أننا ذوو تحمل وصبر وشدة شكيمة.
ما هكذا الصبر ولا التحمل.
يا سادة نحن نعطّل قوانين «التسخير» الإلهي كونوا واعين لحجم سلوكياتكم، فكلما زاد الوعي قل المجهود، وفي أنفسكم أفلا تفكرون..
فما ينطبق على فلان ليس بالضرورة أن ينطبق عليك.
أرجوك افهم ذاتك كي تخلق من نفسك إنسانا يعي تصرفاته ويقدّس ذاته، كي يكون مستعداً لإعطاء المجتمع بحب وتفانٍ نابع من أعماق الذات.. مدركاً لردات الفعل لمن هم تحت عاتقه، فالحماية الزائدة للأبناء نوع من «تعطيل التسخير» الإلهي لهم.
والتسلط في إبداء آراء حول مستقبل الأقربين مثلاً هو تعطيل للتسخير كذلك.
وغيرها الكثير، دعهم يعيشون نشوة «اللذة» وأسى «الألم».
فالكل مسيّر في هذا الكون ومدبّر أمره، أنت فقط أحد أدوات هذا التسخير الإلهي، حجّم دورك بما تمليه ثوابت الحقوق، واستثمر وقتك لنفسك بين ترويض لسلوكياتك حتى لا تكون سبباً لنقل إرث هجين.. فما زال هناك متسع من الوقت لتخرج منها كالشعرة من العجين.
فلتِر ذاتك لتكن قادراً على اتزان العطاء المطلوب، كن واعياً لنفسك قبل كل شيء فالنفس تلقن تلقينا.
رتب مشاعرك ولا عيب في تحرير السيء منها، راقب سلوكياتك مجملاً فنفسك تتوق للراحة وأعلم أن الكثير يبحث عن الراحة المزعومة... ستجدها حيث فهِمت المعنى الحقيقي لوجود الإنسان على هذه المعمورة..
فقط ازِل وضعية الطيران، فكل ما صعد من سلوكيات، ستجده يهبط.
لكن أخشى أن يكون هبوطاً اضطرارياً.. انتبه وكن بخير فما زالت الدنيا بخير.