تغريد إبراهيم الطاسان
مع إقرار الرؤية المباركة، تم تفعيل عدد من المبادرات وإنشاء عدد من الهيئات والمؤسسات ذات المسؤولية في تنفيذ أهداف وغايات رؤية 2030، حتى تضمن لها مسارات قادرة على ترجمة الخطط إلى واقع ملموس، وتضمن تنفيذها بالشكل الصحيح وفق منهجية علمية وأداء احترافي بمعايير وجودة عاليتين ترتقي إلى مستوى التطلعات الوطنية، من أجل هذا جاء المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام الذي يُعد أحد أبرز المؤسسات التي تعنى برصد وتوثيق توجهات المجتمع السعودي حول القضايا المختلفة، حيث تأسيس المركز كجزء من رؤية المملكة 2030 التي تسعى إلى تعزيز الشفافية وتمكين المشاركة المجتمعية في صنع القرار، ليكون المركز منصة متخصصة في جمع وتحليل البيانات المتعلقة برأي الجمهور في مختلف القضايا ذات الاهتمام.
ومن خلال استطلاعات الرأي، يسعى المركز إلى تقديم رؤى دقيقة تعكس وجهات نظر المواطنين وتوجهاتهم وتسهم في تعزيز الديمقراطية والمشاركة المجتمعية، وتقديمها لصناع القرار على شكل تقارير شاملة ودقيقة، وتُستخدم لتوجيه السياسات الحكومية، وتحسين جودة الخدمات العامة، وتحديد الأولويات الوطنية للمساهمة في رسم سياسات مستقبلية مبنية على احتياجات وتطلعات المجتمع أفراداً ومؤسسات. والمتتبع لأنشطة المركز سيجد أن من أهم ميزاته، هي المرونة في التفاعل مع مختلف الشرائح المجتمعية، من خلال منصات تفاعلية رقمية تمكّن المواطنين من التعبير عن آرائهم بحرية وسهولة، سواء من خلال الاستطلاعات الإلكترونية أو تطبيقات الهواتف الذكية.
هذه الأدوات الحديثة تُمكن الجهات ذات العلاقة من الاستجابة السريعة لتطلعات المواطنين والتعامل مع التحديات الآنية بفعالية. ويعتمد المركز على منهجيات علمية دقيقة في تصميم وتنفيذ استطلاعات الرأي، ويعمل وفق أعلى المعايير العالمية، ويتم تحليل البيانات المستخلصة باستخدام أدوات تحليل متقدمة، كما تتم عمليات الاستطلاع بشكل دوري، وذلك لضمان متابعة تطور الرأي العام حول المواضيع المختلفة على مدار العام، مما يتيح للجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة وضع خطط استراتيجية تستجيب لتلك التوجهات.
ومن خلال حضور المركز في المجتمع البحثي، يلعب دورًا محوريًا في تعزيز الحوار المجتمعي، حيث يوفر منصة لمناقشة القضايا المهمة التي تهم المواطنين عبر تقديم معلومات قيمة تساعد في فهم التحديات التي يواجهها المجتمع السعودي، كما يسهم المركز في تعزيز المشاركة المدنية، حيث يدعو المواطنين للمشاركة في استطلاعاتهم والتعبير عن آرائهم.
وفي إطار رؤية المملكة 2030، يشكل المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام ركيزة أساسية لتحقيق العديد من الأهداف الطموحة، من خلال استطلاع آراء المواطنين، يمكن للحكومة أن تضمن استجابة سياساتها لاحتياجات الشعب وتطلعاته، كما يساعد المركز في تقييم مدى رضا المواطنين عن البرامج والمبادرات الحكومية، ويُقدم توصيات تستند إلى البيانات التي يتم جمعها. إضافة إلى ذلك، يُسهم المركز في تعزيز المساءلة والشفافية في العمل الحكومي.
تُعد البيانات التي يوفرها حول رضا المواطنين واحتياجاتهم أداة مهمة لمراقبة الأداء الحكومي وتحديد مجالات التحسين.
هذا النهج يسهم في بناء الثقة بين المواطنين والحكومة، ويعزز من الشفافية في اتخاذ القرارات. رغم النجاحات التي حققها المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام، إلا أنه يواجه عدة تحديات، من أبرزها الحاجة إلى الوصول إلى شريحة أكبر من المجتمع، وخاصة في المناطق النائية، كما أن التعامل مع التطورات السريعة في تكنولوجيا المعلومات والاتصال يُعد تحدياً مستمراً لضمان فعالية ودقة الاستطلاعات، كذلك الحاجة إلى تعزيز الوعي العام بأهمية استطلاعات الرأي، ويتطلب الأمر جهودًا مستمرة من المركز لتثقيف الجمهور حول كيفية المشاركة في استطلاعات الرأي، وأهمية آرائهم في صنع القرار.
ومن ناحية أخرى، يمتلك المركز آفاقاً واسعة للتطور تمكنه من توسيع دوره ليشمل التعاون مع مؤسسات دولية لإجراء دراسات مقارنة بين المملكة ودول أخرى، مما يُمكن صناع القرار من الاستفادة من التجارب العالمية.
كما يُمكن تعزيز التعاون بين المركز والمؤسسات الأكاديمية لتطوير أدوات استطلاع مبتكرة تعزز من دقة البيانات وجودتها.
لذا يعمل المركز على بناء شراكات مع العديد من المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، مما يعزز من فعالية وجودة استطلاعات الرأي.
كما يسعى المركز إلى التعاون مع الجامعات ومراكز البحث، مما يتيح له الاستفادة من الخبرات الأكاديمية والتقنيات الحديثة في مجال البحث الاجتماعي وتفعيل دوره ليكون أداة حيوية لتعزيز الشفافية والمشاركة المجتمعية في المملكة العربية السعودية، ليؤدي دوراً متزايد الأهمية في تحقيق أهداف رؤية 2030، وتعزيز الشفافية والمساءلة في العمل الحكومي.