محمد بن عبدالله آل شملان
دأبت المملكة منذ نشأتها على خدمة كتاب الله العزيز خدمة فائقة، كيف لا؟! وهو دستور هذا الوطن وأنشودته في هذا الحياة، وقد تعاقبت قيادات هذا الوطن المبارك في حمل راية الذود عن حياض كلام الله تعالى، والعناية به، وحفظه، منذ عهد المؤسس - المغفور له بإذن الله - الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ، ووصولًا لعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - على الاهتمام بالقرآن الكريم ودعم تعليمه وتوقير أهله على الأصعدة كافة.
قال الملك المؤسس عبدالعزيز - طيب الله ثراه -: «إن من يعتقد أنّ الكتاب والسنة عائق للتطوّر أو التقدم، فهو لم يقرأ القرآن، أو لم يفهم القرآن».
قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -: «إن من أجلّ النعم على أمة الإسلام نعمة القرآن الكريم الذي نزل بلسان عربي مبين».
قال سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله-: «إن دستورنا هو القرآن الكريم، وسوف يستمر للأبد».
مسابقة عالمية
ومَنْ أكثر من وطننا «المملكة العربية السعودية»، يبحث عن المتميزين والمبدعين في حفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره ليكافئهم، يثني عليهم ويشحذ هممهم للمداومة، وبذل المزيد، ليكونوا نموذجاً للأجيال الناشئة لمن يريد أن ينهل من المنهل الرباني العذب ويخوض في هذا الميدان التنافسي الذي سيبقى لهم ميراثاً مستداماً في صدورهم ومصباحاً مضيئاً في حياتهم.
«مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره» ليست أول إبداعات هذا الوطن، ولن تكون آخرها، ولكنها واحدة من أبرز المسابقات التي أطلقتها المملكة، تحت مظلة وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، والتي تأتي امتداداً للجهود الكبيرة التي يقدمها هذا الوطن المبارك في خدمة كتاب الله الكريم وتشجيع أبناء المسلمين على التنافس في حفظه وحسن تلاوته وتفسيره.
في عالمنا العربي والإسلامي العديد والعديد من المبدعين في جميع المسارات، البعض منهم يعيش في هذه الحياة ويموت ولا يتجاوز صيته مسافة معارفه، والبعض منهم يبرز وينجح ويحلّق، ولكن مع الأسف، فالكثير من هؤلاء لا نعرف قيمتهم إلا حين مفارقتهم للحياة.
ولكن أن تأتيك مسابقة ممهورة باسم موحد ومؤسس هذا الكيان المبارك الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه -، وتقام في رحاب المسجد الحرام وبجوار الكعبة المشرفة، ويزور المشاركون فيها أبرز المتاحف الأثرية والمعالم التاريخية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ثم يقع عليك الفوز بالاختيار بأحد فروع الجائزة الخمسة، ومعها تكريم نقدي، وأنت حي ترزق، فهذا لن يحصل إلا في المملكة العربية السعودية، كونها قبلة «القرآن الكريم»، حيث أعلنت، واستضافت، وكرَّمت وكافأت، وقامت بتحقيق مبدأ «لكل مجتهد نصيب» بالفعل لا بالقول.
تطور في تحكيم المسابقة
ويعتمد التحكيم الإلكتروني على الدقة والشفافية وسهولة احتساب الدرجات، كما يتيح هذا النظام على اختيار المسابق نماذج من الأسئلة لكل الفروع «بنك الأسئلة» وتوجد بها نماذج من الأسئلة، وكذلك تتبع في تسلسل الآيات وترتيب المتسابقين أبجديا وإيقاف المؤقت اذا حصل أي ظرف للمتسابق والاستئناف ولو بعد مشاركة عدد من المتسابقين وجمع الدرجات واستخراج النتائج بأسرع وقت، حيث يعد النظام الإلكتروني نقلة نوعية في مسابقات القرآن الكريم ومواكبة لعصر التقنية والتطوير التقني.
ويشارك في تحكيم المسابقة في التصفيات النهائية عدد من المحكمين الدوليين، حيث تسعى وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد حثيثاً في استقطاب المحكمين من ذوي الكفاءات من أهل العلم المتخصصين في علوم القرآن الكريم والقراءات، الأمر الذي يعزز قيم المسابقة المبنية على العدالة والشفافية، وهم فضيلة الشيخ الدكتور فهد بن فرج الجهني من المملكة العربية السعودية «رئيساً «، وبعضوية كلٌ من فضيلة الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد برهجي من المملكة، وفضيلة الشيخ الدكتور حاتم جميل السحيمات من المملكة الأردنية الهاشمية، وفضيلة الشيخ الدكتور تاج أفسر عبدالله خان من جمهورية باكستان، وفضيلة الشيخ الدكتور يحيى عبدالله أبو بكر باه من جمهورية مالي.
فروع متنوعة
في المملكة العربية السعودية جوائز للعالم ككل، تتّجه إلى كل مبدع أو متميز أو متفوق أينما يعيش أو يعمل من مختلف قارات العالم، في مجال حفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره، ففيها جائزة للقرآن الكريم عبر تحدٍّ يخاطب شتى الأجناس والألسن في العالم، عبر خمسة فروع، فرع لحفظ القرآن الكريم كاملاً مع حسن الأداء والتجويد بالقراءات السبع المتواترة من طريق الشاطبية «روايةً ودراية»، وآخر لحفظ القرآن الكريم كاملاً مع حسن الأداء والتجويد وتفسير مفردات القرآن الكريم، وفرع لحفظ القرآن الكريم كاملاً مع حسن الأداء والتجويد، وفرع لحفظ خمسة عشر جزءاً متتالية مع حسن الأداء والتجويد، وأخير لحفظ خمسة أجزاء متتالية مع حسن الأداء والتجويد.
في «مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره» التي فُتح الستار على سنتها الأولى في دورتها الأولى قبل أربعة وأربعين عاماً، والتي انطلقت للمرة الأولى عام 1399هـ، أصبح لدينا في هذه النسخة 174 متسابقاً من 123 دولة، يتنافسون على جوائز مجموع قيمتها تبلغ أربعة ملايين ريال.
هؤلاء «الموهوبون» الخمسة عشر فائزاً، الذين سيحظون بشرف نيل اسم هذه الجائزة في دورتها الرابعة والأربعين، ستصبح لهم بكل تأكيد وسام شرف وتاج فخر يكلل مسيرتهم القرآنية المباركة التي أبدعوا فيها، وما هي إلا دعوة للآخرين لأن يكونوا كما هؤلاء في التلاوة والحفظ والتجويد؛ ليحظوا بما فازوا به.
منارة لخدمة القرآن
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظهما الله - حريصون على العناية بكتاب الله الكريم وأهله محلياً وعالمياً، وجهودهم في ذلك مشهودة، وليؤكدوا أن عنايتهم تنبع من هوية وطنهم الراسخة، وامتداده الإسلامي، ولذلك فهذا الوطن الكبير «المملكة العربية السعودية» منارة لخدمة الإسلام والمسلمين، وترسيخ للصورة المضيئة لديننا الحنيف، واستقطاب المواهب القرآنية المتنوعة وإبرازها، وتكريم حفظة كتاب الله تعالى، وتعزيز دور القرآن الكريم في المجتمع، وهو ما ينقله ويبثه معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، المشرف العام على المسابقة، في تصريحاته الإعلامية لوسائل الإعلام، وهو بذلك ينهج مبدأ الوفاء والعرفان والتقدير لهم.
قمة الانبهار والفخر
أقف كمواطن سعودي وأنا في قمة الانبهار والفخر، بحجم الإنجاز والتميز والجهد التنظيمي والتحكيم الإلكتروني والتسلسل الزمني لنسخ مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره، ليستمر وطني «المملكة العربية السعودية» مسيرتها الإسلامية رغم كل الظروف والأزمات على مستوى العالم.
أدعو الله تعالى أن يرحم الله الملك المؤسس «عبدالعزيز»، ممن تتسمَّى المسابقة باسمه، وأن يجزي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - خير الجزاء، على جهودهم في خدمة الإسلام والمسلمين عامة، ولأهل القرآن الكريم خاصة.