د. عيسى محمد العميري
اكتسبت اليوم قضية حقوق الإنسان في العالم اليوم في عصرنا هذا أهمية خاصة وكبيرة، فأصبحت قضية حقوق الإنسان من الاهتمامات الرئيسية للمنتديات الدولية العالمية والإقليمية، والتي أوصت بها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو).
يُعرف هذا الإعلان باللغة الإنجليزية باسم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو أول ميثاق دولي تتفق عليه جميع دول العالم بهدف إرساء الحريات وحقوق الإنسان مع دعمها بالحماية في جميع دول العالم لجميع الناس، قد يتكون هذا الإعلان من 30 مادة للفصل بين الحريات والحقوق، فتلك الحقوق متأصلة في جميع البشر، بغض النظر عن جنسيتهم أو مكان إقامتهم أو جنسهم. وقد كرست المنظمة الدولية جهودها لحماية حقوق الإنسان من خلال الصكوك القانونية والأنشطة الميدانية.
ومن ناحية أخرى وعلى صعيد الدول العربية يأتي هنا دور هذه الدول في التعامل مع هذه القضية كل حسب جهده ورؤيته، فنجد مثلا أن أكبر ما يثبت أن المملكة العربية السعودية هي من أفضل الدول في حماية حقوق الإنسان فيها.. هو وجود هيئة مستقلة تماماً في هذا الصدد باسم هيئة حقوق الإنسان التي تعمل كجهة مستقلة وتعمل بشفافية مطلقة دون أي تأثيرات جانبية ولها قرارها. في ذات الوقت نقول: إنها غير ملزمة بإنشاء هذا النوع من الهيئات، وذلك بالنظر إلى أن ديننا الحنيف أقر وأرسى حقوق الإنسان قبل ما يقارب من 1400 سنة من خلال سيد البشرية وسيد حقوق الإنسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. ولكن مع ذلك صدر القرار بإنشاء هيئة حقوق الإنسان لتأكيد هذا المبدأ وفق رؤية عصرية مواكبة. ومن جهة أخرى نقول: إن حاجة المجتمعات في العالم والدول اليوم تبدو حاجة ملحّة وتستوجب وجود هذا النوع من الهيئات لحماية الإنسان في الدول وخاصة الدول التي تعاني فيها الشعوب من إهدار لحقوق الإنسانية وامتهان كرامة الإنسان فيها، وخصوصا الدول التي تقع فيها الصراعات وفي الدول التي لا تقدر قيمة الإنسان كإنسان وتعامله على هذا الأساس، ولعلنا نرى في هذا الصدد العديد من الدول التي ينطبق عليها هذه التصرفات. هذا بالإضافة إلى أن حقوق الإنسان هي مجموعة كبيرة من الحقوق الأساسية التي يحصل عليها الفرد طوال حياته. وقد ازدادت أهمية هذه الحقوق مع زيادة التنمية البشرية، لذلك نجد أن مفهوم حقوق الإنسان قد توسع خلال السنوات الماضية، خاصة بعد ظهور منظمات حقوقية متعددة تطالب بتطبيق العديد من الضوابط.
تعرفنا على أهمية حقوق الإنسان والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتعرفنا على مبادئ حقوق الإنسان وأنواع حقوق الإنسان المختلفة. وضمن سياق قضية حقوق الإنسان فقد نظمت هيئة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية برعاية رئيس الهيئة الدكتور عواد بن صالح العواد ملتقى بعنوان: «جهود المملكة العربية السعودية في مجال حقوق الإنسان» وذلك بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، بمشاركة المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة، والمنظمة الدولية للهجرة.
واستعرضت خلال تلك الجلسة جهودَ المملكة العربية السعودية الدولية في حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وجهود المملكة على الصعيد الوطني في مجال مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، كما استعرض أبرز الإصلاحات والتطورات في مجال العدالة الجنائية. وناقش الملتقى أيضاً أبرز جهود المملكة والتطورات في مجال حماية وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وجهود المملكة الإقليمية والوطنية في مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، كما استعرض أبرز الإصلاحات والتطورات في مجال حقوق المرأة.
وتأتي كل تلك الجهود لهيئة حقوق الإنسان في المملكة تأكيدا على استدامة وحرص المملكة في أن تبقى هذه القضية هو أولوية قصوى في اهتمامات الدولة، وهو ما تسعى إليه خصوصاً في ظل الانتقال لتطبيق رؤية المملكة 2030 وهي تؤكد التوجه المطلوب والتوافق لهذه الرؤية مع إيلاء قضية مهمة مثل قضية حقوق الإنسان في هذه المرحلة من عمر المملكة وتضيف نجاحاً لهذه الرؤية وتحقيقها على أكمل وجه، وتضيف بعداً مهماً في رؤية المملكة في هذا الصدد.
إن أجل ما نفخر به في هذا الصدد، وفي منطقة الخليج العربي هو جهود المملكة في حماية حقوق الإنسان التي أبدعت في أدائها حتى صارت قدوة لكل دولة تسعى لتحقيق نهوضها وتنميتها في ظل ظروف العصر الحالي، وعصر الإنجازات والنجاحات للدول، نظراً لأن المنافسة شديدة وأيضاً في ظل شح الموارد وزيادة المخاطر، وهي مرحلة ولاشك بالغة الأهمية.
وبناء على ما سبق نقول: إن للسعودية جهودا كبيرة في المحافظة على حقوق الإنسان في السعودية في جميع المجالات الحقوقية، سواء المدنية منها أم العامة، أم الخاصة، وكفلت الهيئة التي تم إنشاؤها لهذا الغرض تطبيقها والمحافظة عليها لجميع فئات وأفراد المجتمع، سواء أكانوا مواطنين أم مقيمين، الأمر الذي يؤكده تضمين النظام الأساسي للحكم عددا كبيرا من المواد التي تعنى بحقوق الإنسان والمحافظة عليها، وبالتالي فإن كل الجهود هنا مطلوبة لتعزيز دور الهيئة على أكثر من صعيد في المملكة لضمان نجاحها، إذ إنه في نجاحها نجاح لتلك الجهود وغيرها وصولاً لاستدامة حماية حقوق الإنسان. والله الموفق.
**
- كاتب كويتي