بدر عبد الكريم السعيد
الصداقة تعتبر من أجمل العلاقات الإنسانية النبيلة وأصدقها، فهي علاقة اجتماعية تربط شخصين أو أكثر، على أساس الثقة والمودة والتعاون بينهم، وتبقي في نفس الإنسان الراحة والسكينة والشعور بالطمأنينة والأمان، ولأنها علاقة مبنية على أسس نقية والاهتمام المتبادل والمحبة الصادقة النابعة من قلب وفيّ والنصيحة والمودة، فالصداقة مصدر للسعادة والطاقة الإيجابية، كما أنها تحسن طبيعة الحياة بوجود أشخاص إيجابيين في حياة الإنسان، وتقلّل الشعور بالوحدة والانعزالية، وتجعله أكثر قدرةً على العطاء ومساعدة الآخرين، ولأنها تعزّز الصحة العقلية والصحة الجسدية، وتحقق للإنسان كفايته في العديد من الأمور التي لا يمكن أن يصل إليها لوحده، فالكل يحتاج إلى صديق يسانده ويقف معه في هذه الحياة، فالصديق يدعم صديقه في جميع الأوقات، ويقف إلى جانبه في الأوقات الصعبة، وفي أحلك المواقف والظروف، وفي الأوقات السعيدة أيضاً، فالإنسان لا يستطيع أن يعيش لوحده دون صديق يؤنس وحدته ورفيق يشاركه لحظاته السعيدة والحزينة، إن وجود صديق حقيقي له بالغ الأهمية ومكسب كبير جدير بالحفاظ عليه والتمسك به، وعدم التفريط فيه، فالصداقة الحقيقيّة هي إحدى الفضائل التي منّ الله تعالى بها علينا، فهي لا تقاس بطول العشرة والسنين، بل بصدق المواقف، كما أن الصداقة تعزز من المهارات الاجتماعية والقيم الأخلاقية لدى الأطفال، حيث تساعدهم على التعبير بشكل صحيح عن مشاعرهم وتحسن من فرص التخاطب لديهم وتساعد في تقوية الذاكرة، فالأصدقاء يساعدون بعضهم بعضا في تخطي الصعاب والتغلب على الصدمات والتخفيف من الشعور بالوحدة، ويكتسبون الصفات الحسنة وحسن الخُلق، ومن العادات الجيدة ممارسة الرياضة أو المطالعة وترك القيل والقال، وعدم التدخل فيما لا يعنيهم وتجنب العادات السيئة وغيرها، مما ينتج من خلالها الكثير من الآثار الطيبة والإيجابية وانتشار المحبة والتعاون بين أفراد المجتمع وقوة ترابطه وتماسكه والتفوق والنجاح في مختلف أمور الحياة، أما أصدقاء السوء فهم أصدقاء مصالح عندما يحصلون على مصالحهم تبحث عنهم فلا تجدهم، وتنقطع أخبارهم، وقد قيل في المثل: أن الصديق وقت الضيق، فهو أفضل وقت يتم فيه كشف أصدقاء المصالح الشخصية ذوي العلاقات الزائفة، فمنهم من يتظاهر بمحبتك ويشاركك في جميع المناسبات، ولكنه يكن في قلبه عكس ما يخرجه، وكل ما يفعله فقط من أجل مصلحةرجوها منك، وكذلك من يتقمص شخصية المخلص الوفي وعند الانتهاء من المصلحة ينكر جميلك له وكأنك غريب، وأيضاً منهم من يهجرك ولا يقدّر العشرة الطيبة وحسن التعامل معه بل لمجرد خطأ بغير قصد يتركك غريقاً وأنت في أشد الحاجة إليه، إن أصدقاء السوء يدّعون المثالية وهم أكثر الناس نفاقا وكذبا وتدليسا، وتلك الأفعال المشينة لها الأثر السلبي الكبير على الأشخاص الطيبين أصحاب القلوب النقية، وما يقدمونه من حُسن النية على مصالحهم الشخصية ويعاملون غيرهم بصدق وود، فإذا بهم يتفاجأون وينصدمون من تلك التصرفات السيئة التي قوبلوا بها والتي لا تطاق، إن الصداقة كالشجرة جذورها الوفاء، وأغصانها العطاء، وثمارها المحبة والتواصل، فأيام الطفولة والدراسة وما بها من براءة لهي الأصدق والأجمل وما تحمله من الكثير من المواقف والذكريات الجميلة التي لا تنسى.
وقال الإمام الشافعي في أحد أبياته الشعرية:
سَلامٌ عَلى الدُنيا إِذا لَم يَكُن بِها
صَديقٌ صَدوقٌ صادِقُ الوَعدِ مُنصِفا