سطام بن عبدالله آل سعد
في ظل التحولات الجذرية التي يعيشها الدوري السعودي، تتسارع الخطوات نحو استقطاب أفضل المواهب العالمية من اللاعبين والمدربين، ما يفتح باب التساؤل حول موقع المدرب السعودي في هذه المعادلة.
رغم امتلاك بعض المدربين السعوديين شهادات دولية وخبرة في تدريب الفئات السنية، إلا أن الأندية الكبرى في دوري روشن تفضل المدربين الأجانب، متجاهلة الكفاءات المحلية. هل يعود هذا إلى نقص في الثقة بالمدرب الوطني أم أن هناك فجوة حقيقية في الجاهزية؟ هذا السؤال يتصدر المشهد اليوم، في ظل طموحات كروية كبيرة تسعى المملكة لتحقيقها على المستويين الإقليمي والعالمي.
يثير ذلك تساؤلًا مهمًا: هل الأندية السعودية مخطئة؟ أم أن المدرب السعودي لم يصل بعد إلى مستوى يؤهله لقيادة الأندية الكبرى؟ غالبًا ما يُصنف المدرب السعودي كـ»مدرب أزمات»، يُستدعى لسد الفجوات بعد إقالة المدرب الأجنبي.
إلى جانب هذا التصنيف، يواجه بعض المدربين السعوديين تحديات ناتجة عن طموحات غير واقعية، حيث يتطلعون للوصول إلى الأندية الكبرى دون المرور بمراحل التطوير التدريجي. في الواقع، يجب أن يتركز جهدهم على بناء سمعتهم من خلال تحقيق النجاحات في الأندية الصغيرة والمتوسطة، ثم الانتقال بشكل مدروس إلى الأندية الكبرى بعد اكتساب الخبرة اللازمة.
أيضًا، تحقيق الإنجازات في الفئات السنية لا يعكس بالضرورة قدرة المدرب لقيادة الأندية الكبرى. التعامل مع لاعبين محترفين عالميين يتطلب خبرة أكبر في صياغة وتعديل الخطط وفق قدراتهم العالية.
لذا، يحتاج المدرب الوطني إلى تطوير مهاراته الفنية والإدارية قبل أن ينجح في هذا المجال.
إضافة إلى ذلك، نرى بعض المدربين الأجانب والعرب يركزون على العوائد المالية أكثر من الإنجازات الحقيقية، مما لا يتماشى مع الطموحات السعودية التي تستثمر بكثافة في اللاعبين المحترفين. لذا، ينبغي وضع لجنة تقييم صارمة للمدربين المستقطبين، تعتمد على معايير دولية دقيقة لضمان أن المدربين المؤهلين فقط يقودون الأندية، خاصة مع طموح المملكة في الفوز بكأس العالم 2034.
إنّ التمكين الحقيقي للمدرب السعودي لا يعتمد فقط على تطوير مهاراته الفنية، بل يتطلب بناء ثقة مؤسسية في قدراته.
التجارب العالمية مثل ألمانيا وإسبانيا والبرازيل أظهرت أهمية الثقة في المدربين المحليين ومنحهم الفرص لتدريب الأندية الكبرى والمشاركة في البطولات الدولية. يمكن للأندية السعودية اتباع نهج مشابه، عبر دعم المدربين السعوديين ومنحهم الفرص للتطور والتأهيل.
إطلاق برامج تدريبية محلية بالتعاون مع مدربين عالميين قد يكون خطوة فعالة في تمكين المدرب السعودي. بالإضافة إلى إرسالهم للتدريب في الخارج، هذه الاستثمارات في المدرب السعودي ستثمر على المدى البعيد.
يجب أن ينصب التركيز على التمكين الحقيقي للمدرب السعودي، من خلال استراتيجيات شاملة ومستدامة تشمل التدريب الدولي، وبناء الثقة المؤسسية، وتوفير الفرص المناسبة لتحقيق النجاح. هذا الاستثمار سيسهم في تحقيق طموحات المملكة الرياضية، وسيمنح المدربين السعوديين الفرصة لقيادة الأندية والمنتخبات نحو إنجازات محلية وعالمية.