د. محمد عبدالله الخازم
هناك إجراء وظيفي متعارف عليه ألا وهو التكليف على وظيفة أو منصب ما، لا يخالف الأنظمة لكنه يحتاج الى ضوابط للحد من الإفراط في استخدامه وتسببه في ضرر معنوي أو وظيفي للموظف المعني. سأبدأ التوضيح بتجربة شخصية قديمة، مررت بها حينما كنت في الوظيفة.
قضيت قرابة أربع سنوات عميداً مكلفاً لإحدى الكليات الجديدة، وفي كل مرة كنت أطرح السؤال للمسؤول متى يصدر التعيين يأتي الرد أنتظر، حتى وصل الصبر مداه فطلبت الاعتذار عن المنصب بعد أن قدمت العريس الذي يرضون عنه. استمررت مكلفاً لسنوات، لأنني أتيت لغرض تأسيس/ المساهمة في تأسيس كلية.
احترمت التكليف والتزمت بالمهمة رغم الجهد والصعوبات، بما في ذلك المعنوية المتعلقة بفكرة أنك مؤقت ولا نراك أهلاً للمنصب. لا أحد يهتم بالتفاصيل وإنما تنثر الشائعات؛ البعض يرى التكليف مجاملة، رغم أن لا أحد يجامل لمدة أربع سنوات، والبعض يراه تردداً في اتخاذ القرار من المسؤول، والبعض يراه عدم امتزاج لشخص المكلف رغم الاعتراف بقدراته والبعص يعتقد أن الأمر مفروض على صاحب القرار، إلخ.
يتكرر الأمر في أماكن عدة، ففي مجالنا - الجامعات- تجد نائب/ نائبة رئيس جامعة تكلف بمنصب رئيس الجامعة قرابة العامين، ثم بعد ذلك يعين شخص آخر في المنصب. هل تعطلت الجامعة خلال فترة التكليف؟ هل تم قياس أداء وثبت سوؤه؟ هل حصل المكلف/ المكلفة على نفس المميزات المادية والمعنوية التي يحصل عليها رئيس الجامعة أثناء تكليفها؟ هل من استلم المنصب كان أكثر خبرة أو كفاءة في مجال القيادة الأكاديمية؟
المكلف دائماً يسأل المسؤول الأعلى منه؛ لم تكلفني فتبقى متردداً في الاعتراف بكفاءتي أو إحضار بديلاً مؤهلاً للوظيفة، بشكل سريع؟ ألا تعلم بأن التكليف يقود إلى الأمل في الحصول على المنصب/ الوظيفة بشكل رسمي، ثم تنسف ذلك الأمل بتعيين شخص آخر في ذات المنصب؟ ألا تعلم بأنك تؤذيني وقد تنهي طموحي وتطوري المهني في مجال عملي بهذا التصرف؟
لا أبحث عن إجابات، فالأسئلة أعلاه مجرد مدخل يستحث التفكير في قضية التكليف، وكيف أنها لا تبدو منطقية عندما تطول ولها أضرارها المعنوية والمادية على من يتم تكليفهم ويبذلون جهدهم للقيام بمتطلبات الوظيفة أو المنصب كما يجب. وأنطلق من الأمثلة والأسئلة إلى طرح المقترحين التاليين:
أولاً: أقترح صدور تنظيم يلغي التكليف لأكثر من عام، وفي حالة لم يعين المكلف أو غيره على المنصب/ الوظيفة خلال تلك الفترة يتحول التكليف بشكل آلي (بقوة النظام) إلى تعيين رسمي. سواء بأثر رجعي من تاريخ بدء التكليف، أو من تاريخ القرار.
ثانياً: أقترح صدور تنظيم في حال استمرار الموظف مكلفاً لمدة ستة أشهر وأكثر، فإنه يحصل على كافة مميزات المنصب أو الوظيفة التي كلف عليها. ليس منطقياً أن يقوم بذات الأعباء التي يؤديها المعين رسمياً على الوظيفة/ المنصب دون الحصول على ذات المميزات والبدلات.
أحد مهام القائد الإداري/ مجلس الإدارة تقع مسؤولية تعيين الكفء في المنصب والتردد في ذلك أو إطالة اتخاذ القرار تدل على عدم كفاءة. يفترض أن يكون البديل جاهزاً قبل مغادرة السابق وانتهاء أو إنهاء مهمته، بدلاً من الانتظار حتى لحظة مغادرته، ثم التصرف مع الأمر كأزمة إدارية مفاجأة، نبحث عن أقرب واحد للقيام بالمهام، ونطيل التعيين الرسمي أو البحث عن بديل.
الخلاصة، نحتاج الى نظام يحمي المكلف ويحفظ حقوقه المعنوية والمادية من جراء تكليفه لفترات طويلة دون بديل، ويقلص استغلال الآخرين للقيام بوظائف/ مسؤوليات دون منحهم ميزاتها المتنوعة.