صباح السبيعي
اليوم كلماتي تعكس واقعًا مؤلمًا نعيشه في كثير من العلاقات اليوم. أصبح الوصل والتواصل أكثر سهولة بفضل التكنولوجيا، لكن في الوقت نفسه، أصبح التخلي أسرع وأبسط. نحن نعيش في زمن تكون فيه العلاقات أحيانًا هشة، وكأنها تُبنى على أرض غير ثابتة، المؤلم في ذلك أن العلاقات اصبحت مقيّدة بالمصلحة الشخصية وأن ينظر الكثيرون إلى الآخر على أنه مجرد وسيلة لتحقيق غاياتهم، وهنا يجعل بناء الثقة مع الآخرين تحديًا كبيرًا. عندما يصبح أساس العلاقة مبنيًا على ما يمكن أن يقدمه الشخص وليس على ما يمثله كإنسان، يُفقد جوهر العلاقة الحقيقية. ما يجعل الشخص دائمًا في حالة من التوتر، والشعور بالحيرة وانتظار الخذلان في العلاقة حيث يعيش الشخص في حالة من القلق المستمر، متسائلًا إن كانت العلاقة ستستمر أو ستتحول إلى ذكرى عابرة. هذا النوع من الترقب يستهلك الطاقة العاطفية ويجعل من الصعب الاستمتاع بالعلاقة أو الشعور بالراحة. من الطبيعي أن نتوقع بعض الصعوبات في العلاقات، لكن عندما يكون الشعور بالخوف من الخذلان هو الشعور الأساسي، يصبح من الصعب بناء ثقة حقيقية. الشخص يحتاج إلى وضوح وصدق في العلاقة، ليشعر بالأمان ويكون قادرًا على الاستمرار بدون أن يعيش في انتظار اللحظة التي قد يتعرض فيها للألم أو الفقدان.
وخصوصاً الاستغناء عن الآخرين ليس طبيعيًا، فالإنسان كائن اجتماعي بطبيعته ويحتاج إلى وجود أشخاص يدعمونه في رحلته الحياتية. عندما تكون العلاقات مبنية على الصدق، يمكنها أن تقدم القوة والراحة، وتصبح مصدرًا للسعادة بدلاً من القلق أو الخوف.
ولكن الاستمرارية والعمق في العلاقات يتطلبان التزامًا وجهدًا من الطرفين. الأمان في العلاقة لا يأتي من وجود الآخر فقط، بل من الشعور بأن هذه العلاقة تُبنى على أساس من الثقة والاهتمام المتبادل. نحن بحاجة إلى دعم بعضنا في الأوقات الصعبة، لأن المصاعب جزء لا يتجزأ من الحياة، والشعور بأن هناك من يقف بجانبك يمكن أن يكون فارقًا كبيرًا في كيفية التعامل معها.