فيصل عبدالرحيم
لا يوجد لدى أحد ما، ذرة شك واحدة في أهمية أدب بلادنا، وعمقه وتاريخه الزاخر بالعديد من الأدباء اللوامع، من شعراء وروائيين وقاصين، وغيرهم، وهذا أمر يعرفه الكثير بالتأكيد، فأدب بلادنا - رعاها الله - مشى منذ بداياته بوتيرة متصاعدة وجذوة تطور عملاقة حتى هذه اللحظة بحمد الله.
وقد عرف الأدب العربي أدباء سعوديين مميزين ورواداً أثروا المشهد الثقافي الأدبي في المملكة والعالم العربي، بل وترجمت بعض أعمالهم للغات عالمية مختلفة، لكن اليوم أرى أن الأجيال الجديدة من القراء وغير القراء قد لا يعرفون شيئاً عن هذا الأدب وبداياته ومراحل تطوراته المختلفة والأجيال العديدة التي مرت عليه مثل الرواد وغيرهم.
واليوم وحسب قيامي بالعديد من البحوث والتحليلات والاستكشاف والتقصي وجدت أن نسبة كبيرة جداً من أدبائنا الكبار وبخاصةً الراحلون منهم وكذلك من بقي فيهم على قيد الحياة، أصبحوا أشبه بمجهولين اليوم مع الأسف، بل وأصبح توافر إنتاجهم الأدبي والفكري شديد الندرة ويكاد أن يندثر!
على الصعيد الآخر هناك عدد لا يستهان به من أعمالهم يتوافر على أقل تقدير بصيغة إلكترونية وفي بعض المتاجر الإلكترونية وهذا مما يثلج الصدر فعلاً.
وأتصور – باعتقادي - بأننا على أبواب مشكلة ثقافية من هذا النوع إذا ظللنا لا نعير الأدب السعودي وتاريخه ورواده الاهتمام والتقدير والتكريم الذي يُستحق، وأن نسلط الضوء على أبرز الأسماء الأدبية التي مرت على تاريخ أدبنا وأعمالهم التي وضعت بصمة مميزة في الذاكرة العربية.
كذلك أرى أن أفضل تكريم اليوم لهذه الكوكبة الرائدة من أدباء المملكة من الممكن أن يكون بجمع ونشر أعمالهم الكاملة شعراً ونثراً وفكراً، أو إعادة طباعة الأعمال الكاملة التي سبق أن طُبعت ونشرت وتحديثها إن كانت الحاجة تستدعي ذلك؛ لأن الأعمال الكاملة اليوم خير شاهد على آثار كل أديب وشاعر وروائي ومفكر سعودي بحيث تشمل نتاجه كاملاً بلا نقص، ويتم ذلك – طبعاً - بجمع كل ما أنتج وأخرج وألف من أعماله وطباعة المخطوط منها، وجمع المتناثر في الصحف والمجلات إن وُجد.
إن على وزارة الثقافة اليوم ممثلةً بهيئة الأدب والنشر والترجمة أن تعمل على وضع خطة أو برنامج أو مبادرة متكاملة في هذا الموضوع، بحيث تشمل المبادرة حصر الأعمال الأدبية السعودية منذ أول عمل معروف، وكذلك حصر جميع الأدباء السعوديين الرواد ومن جاء بعدهم، وعمل برامج تثقيفية وتعريفية بتاريخ أدب المملكة وأدبائها، والأعمال السعودية المميزة، والتخطيط لمشروع جمع الأعمال الكاملة لكل أديب ونشرها وتوزيعها على نطاق واسع وبأسعار في متناول اليد وكذلك إتاحتها بصيغة إلكترونية، وأن يتم التعاون في هذا العمل مع عدد من الجهات ذات العلاقة مثل وزارة التعليم، وهيئة المكتبات بكافة المكتبات العامة والمدرسية والجامعية، ومكتبة الملك فهد الوطنية، والأندية الأدبية، والإثنينية، وكذلك التعاون مع المكتبات الوطنية العربية في حال كان لديها مؤلفات لا تتوافر لدينا، ومن يستطيع المساهمة في هذا المشروع من المواطنين والمقيمين.
والأسماء التي تستحق مشروعاً كهذا كثيرة جداً، واسمحوا لي بأن أقترح بضعة أسماء آمل ألا تُهمل وتُنسى: طاهر زمخشري، عبدالقدوس الأنصاري، محمد نور جوهري، محمد العلي، سعد البواردي، محمد حسن فقي، محمد حسن عواد، محمد عمر توفيق، محمد هاشم رشيد، محمود عارف، حسين سرحان وغيرهم الكثير.
أيضاً أود التنويه إلى أن هناك أدباء صدرت لهم أعمال كاملة بالفعل وتحتاج لإعادة طباعة وتجديد وتحديث مثل: حسن القرشي دار العودة ثلاث طبعات، الهيئة العامة للكتاب طبعة واحدة عام 1999م، محمد حسن فقي من خلال الدار السعودية للنشر والتوزيع، وطبعة أخرى من إصدارات الإثنينية، وتميزت الإثنينية بطبعاتها المتميزة المختصة بجمع الأعمال الكاملة لعدد من أدباء الوطن مثل حسين سرحان، محمد سعيد العامودي، محمد عمر عرب، حسين عرب، محمد سعيد عبدالمقصود خوجة، أحمد قنديل وغيرهم الكثير.
وكذلك هناك غازي القصيبي عن دار تهامة طبعة سنة 1987 وهي طبعة قديمة ونادرة وتحتاج لتجديد وإضافة الدواوين اللاحقة.
والأمثلة كثيرة جداً، مما يدعو لأهمية الالتفات لهذا الأمر من قبل دور النشر والهيئات والأندية الأدبية ووزارة الثقافة، بما يخدم أدب وأدباء هذا الوطن المعطاء،
فنحن نعيش في وطن يعرف أهمية الأدب والأديب ويولي لهذا القطاع أشد الاهتمام بكل تأكيد.