م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
أوجه السيرة الذاتية عديدة.. كل وجه منها سمي بمصطلح متفق عليه.. مثل:
1- المذكرات: تهتم بما يحيط بالكاتب أكثر من الكاتب نفسه.. بما عاصره من أحداث أو ما زاره من أمكنة.. وتكون وصفية انطباعية يروي فيها رؤاه ومشاهداته وما سمع أو قرأ أو فهم من زاويته هو ووفق رأيه.. فإذا كانت السيرة الذاتية تركز على داخل الكاتب فإن المذكرات تركز على ما هو خارج شخصية الكاتب.. فهو لا يتكلم عن نفسه بقدر ما يتكلم عما يدور حوله من أحداث وشخوص ومواقع يدون عنها ويؤرخ لها.. ولا يكتب عن نفسه إلا بقدر ما يكون له دور في تلك الأحداث.. وإذا كانت السيرة الذاتية شخصية بحتة إلا أن المذكرات هي سرد كتابي تخص الأحداث المعاصرة وشؤونها.. فالمذكرات تولي الحياة العامة أثناء حياة الكاتب أهمية أكبر من الحياة الخاصة له.. أيضاً هناك فارق آخر بين السيرة الذاتية والمذكرات وهو أن السيرة الذاتية تعتمد على الذاكرة الخاصة للكاتب وهي شهادته عن نفسه.. وفي العادة لا يكتبها إلا شهير أو مؤثر كبير في محيطه أو من له أعمال موجودة على أرض الواقع.. وحتى يزيد كاتب السيرة الذاتية من مصداقيته فهو ينشر الوثائق التي تثبت ما يقول.. بينما المذكرات يكتفي الكاتب فيها بذكر المرجع.
2- اليوميات: هي الأقرب إلى المذكرات.. فاليوميات تسجيل يومي لأحداث قد تكون شخصية أو عامة.. وتختص بأنها لا تتبع نمطاً كتابياً موحداً.. فهي فقرات تكتب كل يوم.. بلا اهتمام بتقنيات الكتابة أو ارتباطها بما سبقها أو سوف يلحقها.. فهي رصد للأحداث فقط لكن أهميتها تكمن في أنها تساعد الذاكرة في كتابة السيرة الذاتية أو المذكرات.
3- الاعترافات: عدت في الآداب الإنسانية نوعاً من السيرة الذاتية.. وقد نشأت في القرن الثامن عشر في أوروبا مدعومة بالطقوس المسيحية في أن الاعتراف بالذنوب والخطايا يطهر النفس ويعيدها أمام الله نقية.. وكثيرون يرونها رياضة روحية.. وقد مارسها المتصوفة المسلمون.. الاعترافات في الأدب المعاصر قليلة جداً.. وإن وجدت فهي بأسماء مستعارة أو مضمنة في رواية أو قصة.
4- الترجمة: عُرِّفت بأنها نوع من الأدب يجمع بين التحري التاريخي والإمتاع القصصي.. وهي تختلف مادة ومنهجاً عن السيرة الذاتية.
5- «الطبقات» هو مصطلح قصد به (معجم السير).. وهو لا يحمل المعنى المعاصر للطبقية (عرقية أو اقتصادية).. بل قُصد به التصنيف.. بمعنى الفئات من العلماء والشعراء والكتاب والأمراء والقادة والأطباء والمغنين والفقهاء.. الخ.. وكتب الطبقات لم تُعْن بالسجايا الفردية للشخص، بل بمهنته وتاريخ ولادته ومماته وحصر أعماله.. بمعنى أن كتب الطبقات تعاملت مع المتَرْجَم لهم وكأنهم فئات في حِرَف واستبعدت تماماً الخصوصيات الشخصية.