منال الحصيني
في الوقت الراهن نعيش انفتاحاً منقطع النظير على العالم لم يسبق أن عشناه من قبل، وبالتأكيد هو ليس بالأمر السيء.
فبحسب (الجغرافيا البشرية) التي تعنى منذ أزمنة بعيدة بأنماط وسلوكيات البشر حسب المتغيرات والعوامل الأخرى التي تطرأ في البيئات البشرية، أكدت أن المجتمعات لابد أن تنجرف مع متغيرات الحياة وإلا ستظل كما هي دون حراك أو تطور.
فما أرمي إليه أننا وفي الوقت الحالي كدولة نامية أثبتت بعد الجائحة تقدماً تنافسياً حسب تقرير التنافسية العالمي بحصولها على المركز (الثامن) في مجموعة العشرين متخطية اقتصاديات متقدمة كاليابان وفرنسا وايطاليا وغيرها.
ما سبق كلام جميل ويشعرنا بالفخر فلماذا الجزع من الانفتاح على الآخر والشد والجذب في تقييم ما نحن عليه؟.
الثورة التكنولوجية باتت جزءاً من حياتنا اليومية لا غنى عنه، ساعدت كثيراً في الانفتاح على الآخر بل إنها حققت التواصل الاجتماعي والتعايش الإنساني، خلقت نوعاً من الانسجام الثقافي وساعدت بشكل إيجابي على التأثير على من هم حولنا بخلق القدرة على فهم معتقدات من هم حولنا من شعوب وجعلتنا قادرين على تقبل الاختلاف والتأني في التصرف والردود والأفعال أيضاً.
لكن الأهم من ذلك كله لماذا البكاء على اللبن المسكوب، وأنا أعني بذلك الفئة الناقدة والمتذمرة الرافضة جملة وتفصيلاً لهذا الوضع الراهن.
بظنكم هل نوقف ساعة الزمن أم نجهز جيشاً غازياً!
يا رعاكم الله نحن أمة الانفتاح والعلم والمعرفة.
هل أُذكركم بمكتبات بغداد التي أفرزتها العقول النيّرة.
أم أُذكركم بنهر دجلة حينما جعل المغول الكتب جسوراً لخيولهم، أم أفتخر بنهرِ انقلب من الزراق إلى سواد مداد الأقلام.
رُغم الهزيمة إلا أن الفخر بعقول أُمتنا ما زال يوقد مشاعر التباهي.
أعلم أن كل ما هو جديد مرفوض خوفاً من سوء استخدامه، ولكنه الزمن لا يقف عند وقت محدد ربما تكون ممن كان (أسلافهم) تناقلوا خبر الشعوذات وأعمال الجن في مركبة تسير أو تطير على خِلاف الجِمال التي اعتادوها.
أخبرني في هذا الوقت لو أجريت استفتاء حول ما إن كنت مع أو ضد وجود السيارة؟
كأني أشعُر حينها بجملتك الساخرة.. ان العالم وصل سطح القمر وأنا أُجري استفتاء كهذا.
وجيزُ القول كن مُدركاً أن العالم متغيّر وفي تنافسية متجددة لا نستطيع أن نجعلها تجوب العالم مستثنيةً إيّانا، تعامل مع المتغيرات بإيجابية، سخّرها لخدمتك ووجِّه من هم تحت يدك بحسن التعامل معها، فالمسؤولون وضعوا القوانين والعقوبات للمتجاوزين ولكن المسؤول الأول والأخير هو أنت.
فبتوجيهك ستضع بصمة فارقة في المجتمع، فالأجيال القادمة تُصنع تحت أيديكم، فكلمة سأراك «مهندساً أو طبيباً» أصبحت كما كان يقال قديماً سأراك «معلماً أو جندياً».
عذراً أصحاب هذه المهن فأنتم الأساس ولا غنى لأي مجتمع عنكم ومن ضرب الجنون أن أُبخسكم حقكم... ولكن هناك مهن سيسطع نجم ممتهنيها.
فالأجيال القادمة خارقة الذكاء ولدت في عصر الذكاء الاصطناعي.