د. أحمد محمد العمري
البرامج والحوارات والأفلام التي تخرج على ساحة الاعلام الدولي بين وقت واخر، وفيها رغبة الإساءة للسعودية، حكومة وشعباً، تعيدني إلى موضوع سبق طرحه حول أهمية وجود جمعية أهلية ذات صفة قانونية تتولى الدفاع عن المملكة العربية السعودية وقضايانا في الاعلام والمحافل الدولية. الملاحظ، وحين إثارة هذه الأمور المسيئة، لنا غياب الفريق المتخصص المؤهل في الجوانب القانونية بحيث يتولى الرد عليها رغم وجود عدد من السعوديين المؤهلين لذلك من الناحية القانونية.
ومن تلك القضايا التي تثار في الإعلام الدولي حقوق الانسان، والبيئة، والطاقة، وحقوق المرأة، وحقوق العمال، وغير ذلك من المواضيع التي يوجد لدينا في القوانين السعودية ما يعالجها وفق الشريعة الإسلامية، ووفق المعايير والأعراف الدولية. لذا أجدها فرصة لتجديد ذلك الاقتراح القديم بأهمية وجود كيان اعتباري يتولى متابعة ما يثار في الساحة الدولية، وتكليف الأشخاص المؤهلين للرد على تلك القضايا، وتوضيح موقف القانون السعودي ومنظومة القضاء الوطني بشأنها.
ولتوضيح الصورة لهذا الاقتراح المتجدد، أقول: نحتاج تأسيس جهة يقوم دورها الأساسي على تنسيق التواصل بين وسائل الإعلام المحلية أو الدولية والأشخاص المؤهلين كل في مجال تخصصه، وبحسب كل موضوع يتم تناوله في الاعلام الدولي، وبحسب أهميته. الذي يُسهل الامر أن مثل هذه الموضوعات أو القضايا كلها مخدومة من الناحية القانونية في الوقت الراهن حيث تحرص مستهدفات (رؤية المملكة 2030) على تكامل القوانين السعودية وتوافقها مع المعايير الدولية. كما يتم متابعة تطبيقها وبقدر عالٍ من الشفافية من قبل الجهات ذات العلاقة لضمان إنفاذ القانون وبصورة عاجلة وعادلة بما يحفظ حقوق الاطراف المتعاملة في ذلك السياق سواء ما يتعلق بالطاقة، أو البيئة، أو حقوق الانسان، أو حقوق المرأة، والطفل وهكذا.
أما فيما يتعلق بحقوق العمال، وهو ربما يكون الموضوع الذي يتجدد في الاعلام الدولي، فإن ما يجب أن يقال هنا هو ان الحماية القانونية للعلاقة العمالية تخضع لقانون العمل السعودي الصادر في سبعينات القرن الميلادي الماضي، ومعه انضمت المملكة العربية السعودية إلى منظمة العمل الدولية وصادقت على القوانين والاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات الدولية الخاصة بالعمل والعمال، وأنشأت في تلك الفترة الزمنية الماضية اللجان والمكاتب العمالية لحل المنازعات العمالية، وكانت اللجنة العليا للاستئناف في القضايا العمالية تنظر في الطعون والاستئناف لما يصدر من احكام او قرارات من الجان والمكاتب العمالية لضمان العدالة لجميع الأطراف.
وقد تم تعديل نظام العمل والعمال في مراحل متعددة ومتواليه، وكان التطور الاكثر جدارة بالذكر والتنويه هو انشاء (المحاكم العمالية) في جميع مناطق المملكة، مع وجود دوائر قضائية استئنافية متخصصة فقط في القضايا العمالية، كما هو الحال في المحاكم المتخصصة الجزائية، والمدنية، والأحوال الشخصية، والتجارية. وهكذا يتم تطبيق الاستئناف من خلال دوائر متخصصة في كل نوع من القضايا والمنازعات والدعاوي.
ولذا أقول بأن الحماية القانونية للعامل ورب العمل وللعلاقة القانونية بينهما متكاملة ومنصفة وعادلة، وتتولى المحاكم العمالية الفصل في حقوق الاطراف، وفق القانون، والعقد، والوقائع. أما وجود جريمة من أي طرف ضد الاخر، فإن هذا ينقل الحالة ليحكمها القانون الجنائي بشقية الموضوعي (الجريمة والعقوبة) والاجرائي (التحقيق والادعاء والمحاكمة) وهذا لا يعيب قانون العمل في شي. ومن هنا يتضح أن الموضعات الإعلامية المسيئة لنا، سواء كانت أفلام او مقالات، قد تحدث لبساً ربما ينطلي على من يجهل حقيقة الأمر في بلادنا، وكم من حالات كان فيها الجاني المكفول (العاملة أو العامل) ضد الكفيل. ومع ذلك لم يتم استهداف حماية حقوق العمال لان المنطق والتحليل السليم المحايد وسياق الأحداث يفرض الفصل بين مجال تطبيق القانون الجنائي وقانون العمل وإعمال مواد كل منهما في الوقائع التي تنطبق عليها.