عبدالمحسن بن علي المطلق
موضوع كثيرا ما طرقته، وكثيرا ما يعود لذهني، ليس لأني لم أُشبعه!، بل لأنه قائم سوقه على من تأخذ به عليه، وقلّ ما يرعوي بالنصح والتنبيه.. إلا نادرا!
وكأن إحساسي لي قائلا هناك حلقة وصل ربما مفقودة في طرحي، فلعل في المبحث التالي (همزة) توصيل..
هل (.. نحن مصابون بمرض السرعة)؟!
أي.. السرعة في الطعام والسلام والكلام والأحكام..
في سنة 1982، صاغ طبيب أمريكي يدعى «لارى دوسى» مصطلح مرض الوقت، في وصفٍ منه للاعتقاد الوسواسي بـ(أن الوقت ينفد، ولا يوجد ما يكفى منه، وأن عليك الإسراع باستمرار للحاق به)..
هذه الأفكار المبعثرة هي
كما تممت الأستاذة(لبنى الخميس) بشيء من الشرح:
«مجرد (تذكير) بأن نحتفي بالبطيء ولا نستعر منه، فكل شيء عظيم في هذه الحياة هو نتاج لحظات اتصال وحضور وعمق باتت تخطفه السرعة منا»..
إلى أن قالت (تبنّـي عادات بطيئة slow habits، مثل الكتابة أو القراءة أو المشي أو التلوين أو حياكة الصوف..
عادات تبطئ من دقات قلبك، وتهدئ من وتيرة عقلك وتطمئن تواتر مشاعرك.
عادات تذكرك بأن الحياة تحدث هنا والآن، وليس في غياهب المستقبل الذي تلهث باتجاهه).
انقل هذا ببعض من التصرف، لعله يتمم فكرة ما تقدم.. حول دواعي السرعة!
إذ لازال سواد من الناس (بالطرقات خاصة) يظن أن أحدا يُلاحقه!
وبالمناسبة وبين مزدوجين (حال من يخرج من بيته لموعد هام أو عمل، أو ليلحق طائرته، وهو متأخر..) فيقوم ببعض فوضى في قيادته- لمركبته -، طيب يا الحبيب..!
لماذا تجعل الآخرين يدفعون ثمن تفريطك، أو حتى تماهلك؟
من هنا يأتي التنبيه الكبير أن لكل شيء جزءه التام من الوقت- انظر للمرأة وهي بين سبعة إلى تسعة أشهر كأنها في ما تلقاه من أثقال أعوام لتضع مولودها، وكذا الطالب الذي يمضي عاما كاملا حتى يأتي الاستحقاق-الاختبار -ليجتاز للمرحلة التالية.. إلخ
لكن أن نظن الأمور خبط لزق (أأسف على التعبير الدارج) فما هذا من الوعي في شيء..
هنا ألفت إلى حاجتنا لبلع بعض جمل من لغتنا المحكية، أو الأمثال الشعبية للتقريب في إيصال المراد..
فبعضهم وفي لقطة تُشاهد غالبا كل يوم ما قد يضحك الثكلى، لأنه يظنه وحده وقته المهم، والأغلى من (الذهب) حين يكاد يقفز بمركبته على الآخرين، ضاربا بحقوقهم وبالأنظمة معا.. التي - الأنظمة-لم تحدّ غالبهم التقيّد بها إلا مع «ساهر» للأسف!!
والدليل متى خبر أحد تلك النوعية أن لا «كمرة» ترقبه، لم يعد للنظام أدنى حيّز في تصرفاته، وهو في الطريق لمشواره..!
هذه -اللقطة وغيرها- لا بد من عصف الذهن لها، وتقصّيها، بأسئلة..
علام ومع تراكم خبراتنا اليوم ما زال هذا الموضوع لم يتغيّر فيرتقي بعتبة فهمنا للحياة، من أن بالفعل مع العجلة الندامة.. وأقلّ تلكم -الندامة- حين يأخذ حقوق الآخرين في رابعة النهار (كم مرة تكن في السرا من الخدمة داخلا للطريق الرئيسي، فإذا ما اقتربت من الفرج أتى من يدخل أنف سيارته، وكأن لسان فعله يلقي عليك وعلى عينك يا رجل..
لا خيار لديك/
أتفسح لي، أو نذهب لذاك الذي لن يفصل فيه سوى (نجم)، وانتظاره لوحده همّ، بالأخص إن كنتما في رمضاء الظهيرة!
وعلى من يفعل ذلك ليستحضر حديث: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيبة من نفس يعني على الوجه الذي شرعه الله أن تطيب به نفسه)، يعني: هبة، صدقة، إعانة لأخيه، ليس المعنى -بالمناسبة- أن تطيب به نفسه على وجه الحرام لا، هذا لا يجوز، فالربا مثلا وإن طابت به نفسه لكنه محرم.
كتنبيه، المهم أن.. لعل و
بذات القياس أن من لم يفسح لك قبولا منه، فعلام تغتصب حقّه بالسرا؟
أزيدكم أنه (ولو)سمح لك، فهو لا يملك كل ذلك، لأن له جزءا فقط.. والأجزاء البقية موزعة على من خلفه بذات السرا
أبحرت بهذه لأن ثقافتنا بهذه الأدبيات التي المفروض تكن من (ألف باء)التربية العامة فضلا عن الشرعية التي حُجزتها بين قوسي: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) صدق حبيبنا -صلى الله عليه وسلّم-، فأمست وكأنها لا تبلغ إلا بالمرحلة الأكاديمية!
هل أفيض بلا عجب تُبديه حول ذات الفئة وهي تذهب للمطار قبل وقت الحضور -وليس الإقلاع- بساعتين، أو تحضر المباراة قبل وقت انطلاقها بأكثر من ساعة!، ثم وفي مفارقة عجيبة أن تجدها لا تحضر صلاة الجمعة إلا والإمام بين يدي إقامة، فترضى لنفسها أن تصلي على مداخل المسجد!، استغفر الله إن قلت بئس لـ..... نُزلا!
وعود للمرة الأخيرة إلى مبتدأ تلك (الهمزة) المفقودة عن «عصر السرعة» ما يتوجّب التأني في استقرائه، وإلا بلغنا مبلغ من (.. لا أرضا قطع، ولا ظهرا أبقى) صدق حبيبنا صلى الله عليه وسلم.
فلا أحتاج بعد هذا النص الجليل من شاهد لمقالتي عاضد..