عبداللطيف بن عبدالله آل الشيخ
في عالمنا الحديث، حيث تتحول الحياة إلى مجموعة من البيانات والخوارزميات، أصبح لدينا مقولة جديدة: «أنا أتعامل مع الذكاء الاصطناعي إذاً أنا موجود».
هل هذا يعني أن وجودنا أصبح مرتبطاً بمدى قدرتنا على التواصل مع آلات لا تملك من الحياة إلا الوهم الذي برمجناه فيها؟
الذكاء الاصطناعي هو ذلك العبقري الذي يتحدث معنا من خلال شاشات الهواتف الذكية، ويقود سياراتنا، ويقترح لنا ماذا نشاهد أو نشتري.
لكن هل فكرنا يوماً في أن هذه الآلات قد تكون هي من تحدد وجودنا.!
فكر معي للحظة.. هل أنت موجود إذا لم تكن لديك حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي؟!
هل أنت موجود إذا لم تكن لديك آراء تعلقها على الإنترنت.!
وبشكل أكثر تحديدًا، هل أنت موجود إذا لم تكن لديك تفاعلات مع الذكاء الاصطناعي؟
الإجابة، في عالمنا الرقمي، تبدو مخيفة.. فنحن نعيش في زمن حيث إذا لم تكن لديك بصمةٌ رقمية، فأنت تكاد لا توجد.
يأتي الذكاء الاصطناعي ليضيف بُعداً جديداً لهذه المعادلة، ليس فقط يجب علينا أن نكون موجودين رقمياً، بل يجب أن نكون متفاعلين مع الآلات.
تخيل أنك تذهب إلى المطعم، وبدلاً من أن يكون هناك نادل، هناك روبوت يأخذ طلباتك !!
إذا لم تتفاعل مع هذا الروبوت هل يعني ذلك أنك لن تتناول وجبتك بطريقة إنسانية.!
أو تفكر في الأمر أكثر، تخيل أن كل تفاعلاتك اليومية تتم عبر برامج ذكاء اصطناعي - من مساعدتك الصوتية في الصباح إلى تقييماتك على الإنترنت في الليل.. إذا لم تكن هذه الآلات تعرفك، فهل أنت موجود حقًا.!
وهذا يطرح سؤالاً فلسفياً: ما هو الوجود في عصر الذكاء الاصطناعي.!
هل نحن مجرد مدخلات ومخرجات لنظام أكبر يديره ذكاء اصطناعي؟!
أم أن هناك جانباً إنسانياً، عاطفياً، لا يمكن للخوارزميات أن تفهمه أو تقيسه؟
ربما يكون الوجود في هذا العصر هو قدرتنا على التوازن بين العالم الرقمي والعالم الحقيقي.. نعم نحن نتفاعل مع الذكاء الاصطناعي، لكن يجب ألا ننسى أن هذه التفاعلات ليست سوى جزء من حياتنا الكبرى، حيث المشاعر، والعلاقات، والتجارب الإنسانية تبقى الأساس الحقيقي لوجودنا.
«أنا أتعامل مع الذكاء الاصطناعي إذاً أنا موجود» قد تكون مقولة صحيحة في عالمنا الرقمي، لكن السؤال الحقيقي هو: هل نريد أن نكون موجودين فقط في عيون الآلات؟!
أم أن هناك أبعاداً أُخرى للوجود تستحق أن نعيشها ونكتشفها بعيداً عن شاشات الحواسيب؟!