سهوب بغدادي
في بداية كل علاقة إنسانية على اختلاف ماهيتها والأهداف المرجوة منها يبحث الأشخاص فيها بشكل حثيث عن سبل التشابه والاتفاق مع بعضهم البعض، ابتداءً من اللون المحبب والهوايات والفريق المفضل والأكلات وصولًا إلى المبادئ والقيم والعادات، إلى أن يصل كلا الطرفين إلى اللحظة المنشودة والتي تتمثل في الاعتراف بالتشابه والتطابق في أكثر من موضع، ولتلك اللحظة حلاوةً وشيء من الانتصار، إذ يكمن السر في أساس تكوين الإنسان على الصعيد المجتمعي، وانتماؤه إلى مجموعة ما وتقبلهم له، وفي بعض الأحيان، تلي تلك الفترة ما ينافيها تمامًا، فبعد مدة لابأس بها من التوافق والاتفاق، تأتي مدة إثبات الذات وتميّزها، وفي الأخيرة مواطن عديدة للاختلاف، باعتبار أن التميز لدى الشخص يؤخذ من منظور الفرق والاختلاف، من هنا، تتعاظم الفجوة بين الطرفين، في محاولة مستميتة لإثبات ما تم إثباته مسبقًا منذ التوافق الابتدائي، من منطلق أن ما جذب الطرفين هو تميز الشخص المقابل وفرقه عن سائد البشر، قد يطلق عليها فرض السلطة والهيمنة والسطوة، كما نراها في شريعة الغاب بامتياز ونهج بدائي، ومع هذه الدورة الخفية ضمن علاقاتنا الإنسانية، نفقد الكثير من بين أيدينا، فيرحل الأصدقاء ويفترق الأزواج، وينفر الأبناء، ويبتعد الأخوة عن بعضهم بعضًا، أليس ما اجتمعوا عليه واحد؟ فما الذي فرقهم إذن؟
«إن السلام لا يعني غياب الخلاف بل يكمن في التعامل مع الخلاف بطرق سلمية» - رونالد ريغان.