هناء الحمراني
تحدثنا وتحدث الكتاب والمفكرون مرارًا عن قصص شركات وأفراد بدأوا من الصفر ووصلوا إلى قمة النجاح (From zero to hero)، وأصبحت قصصهم تروى في وسائل التواصل والقنوات والمؤلفات تلو المؤلفات.
وأثناء تأمل هذه القصص- خاصة قصص المنظمات والشركات - نجد أنها وإن بدأت من الصفر، إلا أنها اختارت صفرًا ذكيًّا لتبدأ منه؛ فبدلًا من العمل على بناء منتج من العدم، استثمرت في منتج موجود ويحقق المواصفات التي تريدها، وفي المقابل، فإن صاحب المنتج بدلًا من أن يصنع شركة خاصة بمنتجه، يمكنه التعامل مع شركة أو مستثمر يتكفل بعملية نشر هذا المنتج.
وتظهر فكرة (الصفر الذكي) في عالم الأعمال والاستثمار، بعدة صور منها: الابتكار المتزايد أو التدريجي (Incremental Innovation): والذي يعني عملية تحسين منتج أو خدمة موجودة بالفعل، بدلاً من ابتكار شيء جديد كليًا، وهو يعتمد على سلسلة من التحسينات التدريجية البسيطة للمنتجات والعمليات وأساليب العمل وغيرها من جوانب إدارة الأعمال، وفي بعض الأحيان، يتحول الابتكار التدريجي إلى ابتكار ثوري أو ابتكار مستدام.
من أمثلة الصفر الذكي أيضًا الاستحواذ (Acquisition): عندما تشتري شركة ما شركة أخرى أصغر، أو منتجًا معينًا، فإنها تقوم بعملية استحواذ، ومن أمثلة الاستحواذ، الاستحواذ على الشركات (Takeover): هو شراء حصة كبيرة من الشركة تكفي للسيطرة على مجلس الإدارة. وغالبًا ما ينطوي هذا النوع من الصفقات على معارضة أو مقاومة من الشركة التي يتم الاستحواذ عليها.
الاستحواذ على الكفاءات (Acqui-hire): تشير هذه العملية إلى قيام إحدى الشركات بالاستحواذ على شركة أخرى بهدف الاستفادة من الكفاءات المتميزة التي يتمتع بها موظفوها، وليس بهدف الاستفادة من تميز منتجاتها، أو خدماتها، أو قيمتها السوقية، أو غيرها من العوامل التي قد تغري شركة بالاستحواذ على شركة أخرى.
الشراكات الاستراتيجية أو التحالف الاستراتيجي (Strategic Alliance): يمكن للشركات أن تدخل في شراكات مع شركات أخرى لتقاسم الموارد والتكنولوجيا والمعرفة. هذا النوع من الشراكات يساعد الشركات على الوصول إلى أهدافها بشكل أسرع وأكثر كفاءة.
وعلى مستوى المنظمات في القطاع الحكومي والقطاع غير الربحي، يمكن توظيف الصفر الذكي لدعم الجهات بما يحقق مصالح الجميع، كما يمكن للأفراد تحقيق مصالحهم بهذا النوع، بحيث يكون لديهم منطق أنا أربح، أنتَ تربح.
ومن الجميل أن تكون هناك ورش عمل في مختلف مراحل التعليم، والمنشآت التدريبية تمكن المتعلمين والموظفين ورواد الأعمال من تطبيق الصفر الذكي في الممارسات اليومية واستغلال الفرص، التي تحقق الاستدامة، والتعاون، والنمو، إضافة إلى تزويدهم بالمعارف التي يحتاجون إليها لحماية حقوقهم والقيام بواجباتهم، والتحديات التي سيواجهونها، والأرباح والخسائر المحتملة، وكيفية التعامل معها عند اتخاذ قرار البدء من الصفر الذكي، حتى لا يصبح صفرًا غبيًّا يقتل صاحبه بالندم أو الخسارة صعبة التعويض.
***
* تم الاستناد إلى المعجم الريادي في تعريف المصطلحات