د.محمد بن عبدالرحمن البشر
ينحصر حكم الولايات المتحدة الأمريكية منذ عقود عديدة متوالية في أحد الحزبين، الجمهوري أو الديمقراطي، وقد يخرج بين الفينة والأخرى أحد المستقلين الذي يحاول المنافسة مع علمه المسبق انه سوف لن ينتصر، وربما تكون غايته الشهرة أو طرح رأي معين أو بسبب خلاف داخل الحزب الذي ينتمي إليه قبل خروجه منه وترشيح نفسه، وآخر أولئك المغامرين عضو الكونجرس السناتور كندي، لكنه لم ينل أصواتا تذكر، فعاد وأعطى صوته للرئيس السابق ترامب، الذي رحب بهذه المناصرة، وأذكر قبل عقود مضت أن هناك رجلاً من أصول عربية اسمه نادر قد شكل حزباً للخضر، وحاول تحقيق شيء ما، فنال نسبة بسيطة جداً، على حساب الحزب الديمقراطي المناصر للبيئة، كما أذكر أن أحد الأثرياء قد تقدم مستقلاً للمنافسة قبل أربعين عاماً تقريباً، واختار نائباً له، وخسر من ماله الخاص نحو ستة وثلاثون مليوناً، ولم يحقق شيء يذكر، ولم تكن لديه او نائبه الجاذبية السياسية الكافية.
الانتخابات القائمة الآن لاشك أن الأغلب يتابعها بصفة مستمر، ومن المهم إضافة بعض التعليقات التي قد تكون مفيدة لفهم ما قد يخفى على البعض، ومن ذلك أن الرئيس السابق والمرشح الحالي عن الحزب الجمهوري ترامب، كانت لديه النية بإنشاء حزب ميجا، ولاشك أن ذلك سيكون على حساب الحزب الجمهوري، فتم نقاش ومفاهمة يتخلى بموجبها عن ما عزم عليه نظير ترشيح الحزب الجمهوري له، فتم ذلك، واستطاع تجاوز منافسيه في الحزب بسهولة، وكان أشد منافسيه السيدة هيلي المندوبة السابقة للولايات المتحدة في مجلس الأمن، لكن شعبيته الكبيرة داخل مناصري الحزب الجمهوري جعلت الجميع يتساقط امامه، فأصبح المرشح الرسمي للحزب.
أما الحزب الديمقراطي، فيبدو أن العرف لديهم الذي يقضي بعدم الترشح أمام رئيس على رأس السلطة، اضافة إلى الرغبة الجامحة لدى الرئيس بايدن، وتأثير عائلته عليه التي تدفعه إلى الترشح مع كبر سنه، وغياب التركيز أحياناً، مهد له أن يكون مرشح الحزب، رغم نصائح بعض اعضاء الحزب النافذين، وعلى رأسهم الرئيس السابق أوباما، بأن يترك المجال لغيره، لكن حدث ما حدث واظهرت المناظرة بينه وبين الرئيس السابق عجزه، وعدم قدرته على المنافسة، فكان الترشيح من نصيب نائبته كاملا هاريس كما يعلم الجميع، لأنه لم يعد عند الحزب من الوقت ما يكفي لطرح اسم جديد، وربما لو أن الرئيس بايدن لم يترشح وتمت انتخابات حزبية، لما أصبحت مرشحة الحزب، لكن الله إذا أراد أمراً فلا مرد له.
كان الرئيس السابق ترامب يلح على الرئيس بايدن أن يجري مناظرة ثانية وثالثة، لكن المناظرة الأولى كانت كافية لاستبداله، وبعد أن حطت هاريس رحالها في ميدان السباق، بدأت استطلاعات الرأي تتقارب بين المرشحين، بعد أن كانت لصالح الرئيس السابق بعدد كبير من النقاط، وتمت مناظرة بين هاريس وترامب، فذاق من الكأس الذي سقاه لبايدن، وفشل أمامها، كما يقول المحللون، وتلك الأيام نداولها بين الناس، وطالبته بمناظرة أخرى فأبى، خوفاً من أن يصيبه مثل ما أصابه في المناظرة السابقة، وغرائب الانتخابات الأمريكية لا تنتهي.